سورة الضحى
  وثمّ ودعنا آل عمرو وعامر ... فرائس أطراف المثقّفة السّمر
  والتوديع: مبالغة في الودع، لأنّ من ودّعك مفارقا فقد بالغ في تركك. روى أنّ الوحى قد تأخر عن رسول الله ÷ أياما. فقال المشركون: إنّ محمدا ودعه ربه وقلاه. وقيل: إنّ أم جميل امرأة أبى لهب قالت له: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فنزلت. حذف الضمير من {قَلى} كحذفه من {الذَّاكِراتِ} في قوله {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ} يريد: والذاكراته ونحوه: {فَآوى ... فَهَدى ... فَأَغْنى} وهو اختصار لفظي لظهور المحذوف.
  {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ٤ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ٥}
  فإن قلت: كيف اتصل قوله {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى} بما قبله؟ قلت: لما كان في ضمن نفى التوديع والقلى: أنّ الله مواصلك بالوحي إليك، وأنك حبيب الله ولا ترى كرامة أعظم من ذلك ولا نعمة أجل منه: أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل، وهو السبق والتقدّم على جميع أنبياء الله ورسله، وشهادة أمته على سائر الأمم، ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته، وغير ذلك من الكرامات السنية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى} موعد شامل لما أعطاه في الدنيا من الفلج والظفر بأعدائه يوم بدر ويوم فتح