الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة العاديات

صفحة 787 - الجزء 4

  وهي ما ينقدح من حوافرها {قَدْحاً} قادحات صاكات بحوافرها الحجارة. والقدح. الصك. والإيراء. إخراج النار. تقول. قدح فأورى، وقدح فأصلد، وانتصب قدحا بما انتصب به ضبحا {فَالْمُغِيراتِ} تغير على العدو {صُبْحاً} في وقت الصبح {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} فهيجن بذلك الوقت غبارا {فَوَسَطْنَ بِهِ} بذلك الوقت، أو بالنقع، أى وسطن النقع الجمع. أو فوسطن ملتبسات به {جَمْعاً} من جموع الأعداء، ووسطه بمعنى توسطه. وقيل: الضمير لمكان الغارة. وقيل: للعدو الذي دلّ عليه {وَالْعادِياتِ} ويجوز أن يراد بالنقع: الصياح، من قوله # «ما لم يكن نقع ولا لقلقة» وقول لبيد:

  فمتى ينقع صراخ صادق

  أى: فهيجن في المغار عليهم صياحا وجلبة. وقرأ أبو حيوة: فأثرن بالتشديد، بمعنى: فأظهرن به غبارا، لأن التأثير فيه معنى الإظهار. أو قلب ثورن إلى وثرن، وقلب الواو همزة. وقرئ: فوسطن بالتشديد للتعدية. والباء مزيدة للتوكيد، كقوله {وَأُتُوا بِهِ} وهي مبالغة في وسطن. وعن ابن عباس: كنت جالسا في الحجر فجاء رجل فسألنى عن {الْعادِياتِ ضَبْحاً} ففسرتها بالخيل، فذهب إلى علىّ وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر له ما قلت، فقال: ادعه لي، فلما وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك به، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر،