الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة آل عمران

صفحة 459 - الجزء 1

  خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ١٩٩}

  {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ} عن مجاهد: نزلت في عبد الله بن سلام وغيره من مسلمة أهل الكتاب. وقيل: في أربعين من أهل نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى # فأسلموا. وقيل: في أصحمة النجاشي ملك الحبشة، ومعنى أصحمة «عطية» بالعربية. وذلك أنه لما مات نعاه جبريل إلى رسول الله ÷؛ فقال رسول الله ÷: اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم، فخرج إلى البقيع ونظر إلى أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه واستغفر له: فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلى على علج نصراني لم يره قط وليس على دينه، فنزلت. ودخلت لام الابتداء على اسم «إنّ» لفصل الظرف بينهما؛ كقوله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ}. {وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} من القرآن {وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} من الكتابين {خاشِعِينَ لِلَّهِ} حال من فاعل يؤمن، لأن من يؤمن في معنى الجمع {لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً} كما يفعل من لم يسلم من أحبارهم وكبارهم {أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أى ما يختص بهم من الأجر وهو ما وعدوه في قوله: {أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}، {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}. {إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ} لنفوذ عمله في كل شيء، فهو عالم بما يستوجبه كل عامل من الأجر. ويجوز أن يراد: إنما توعدون لآت قريب بعد ذكر الموعد.

  {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٢٠٠}