الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النساء

صفحة 464 - الجزء 1

  الاسم أن يقع على الصغار والكبار لبقاء معنى الانفراد عن الآباء، إلا أنه قد غلب أن يسموا به قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال، فإذا استغنوا بأنفسهم عن كافل وقائم عليهم وانتصبوا كفاة يكفلون غيرهم ويقومون عليهم، زال عنهم هذا الاسم. وكانت قريش تقول لرسول الله ÷: يتيم أبى طالب، إمّا على القياس وإمّا حكاية للحال التي كان عليها صغيراً ناشئاً في حجر عمه توضيعا له. وأمّا قوله # «لا يتم بعد الحلم» فما هو إلا تعليم شريعة لا لغة، يعنى أنه إذا احتلم لم تجر عليه أحكام الصغار. فإن قلت: فما معنى قوله {وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ}؟ قلت: إما أن يراد باليتامى الصغار، وبإتيانهم الأموال: أن لا يطمع فيها الأولياء والأوصياء وولاة السوء وقضاته ويكفوا عنها أيديهم الخاطفة، حتى تأتى اليتامى إذا بلغوا سالمة غير محذوفة. وإمّا أن يراد الكبار تسمية لهم يتامى على القياس، أو لقرب عهدهم - إذا بلغوا - بالصغر، كما تسمى الناقة عشراء بعد وضعها. على أنّ فيه إشارة إلى أن لا يؤخر دفع أموالهم إليهم عن حد البلوغ، ولا ولا يمطلوا إن أونس منهم الرشد، وأن يؤتوها قبل أن يزول عنهم اسم اليتامى والصغار. وقيل: هي في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي ÷ فنزلت، فلما سمعها العم قال: أطعنا الله وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير، فدفع ماله إليه؛ فقال النبي #: ومن يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنه يحل داره. يعنى جنته، فلما قبض ألفوا ماله أنفقه في سبيل الله، فقال النبي ÷: ثبت الأجر، ثبت الأجر وبقي الوزر: قالوا: يا رسول الله، قد عرفنا أنه ثبت الأجر