الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النساء

صفحة 599 - الجزء 1

  في آية المواريث مسوّى بينها وبين أخيها {وَهُوَ يَرِثُها} وأخوها يرثها إن قدر الأمر على العكس من موتها وبقائه بعدها {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ} أى ابن؛ لأن الأبن يسقط الأخ دون البنت. فإن قلت: الابن لا يسقط الأخ وحده فإن الأب نظيره في الإسقاط، فلم اقتصر على نفى الولد؟ قلت: بين حكم انتفاء الولد، ووكل حكم انتفاء الوالد إلى بيان السنة، وهو قوله # «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى عصبة ذكر» والأب أولى من الأخ، وليسا بأول حكمين بين أحدهما بالكتاب والآخر بالسنة. ويجوز أن يدل بحكم انتفاء الولد على حكم انتفاء الوالد، لأن الولد أقرب إلى الميت من الوالد، فإذا ورث الأخ عند انتفاء الأقرب، فأولى أن يرث عند انتفاء الأبعد: ولأن الكلالة تتناول انتفاء الوالد والولد جميعا، فكان ذكر انتفاء أحدهما دالا على انتفاء الآخر. فإن قلت: إلى من يرجع ضمير التثنية والجمع في قوله {فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ} وإن كانوا إخوة؟ قلت: أصله: فان كان من يرث بالأخوة اثنتين، وإن كان من يرث بالأخوة ذكوراً وإناثاً: وإنما قيل: فان كانتا، وإن كانوا، كما قيل: من كانت أمّك. فكما أنت ضمير «من» لمكان تأنيث الخبر، كذلك ثنى وجمع ضمير من يرث في كانتا وكانوا، لمكان تثنية الخبر وجمعه، والمراد بالإخوة. الإخوة لا الأخوات، تغليباً لحكم الذكورة {أَنْ تَضِلُّوا} مفعول له. ومعناه: كراهة أن تضلوا. عن النبي ÷ «من قرأ سورة النساء فكأنما تصدّق على كل مؤمن ومؤمنة ورث ميراثاً، وأعطى من الأجر كمن اشترى محرّراً، وبريء من الشرك وكان في مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم.