سورة الأعراف
  بك الثابتين بالقول الثابت. وجعل ذلك إضلالا من الله وهدى منه، لأن محنته لما كانت سبباً لأن ضلوا واهتدوا فكأنه أضلهم بها وهداهم على الاتساع في الكلام {أَنْتَ وَلِيُّنا} مولانا القائم بأمورنا {وَاكْتُبْ لَنا} وأثبت لنا واقسم {فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً} عافية وحياة طيبة وتوفيقاً في الطاعة {وَفِي الْآخِرَةِ} الجنة {هُدْنا إِلَيْكَ} تبنا إليك. وهاد اليه يهود إذا رجع وتاب. والهود: جمع هائد، وهو التائب. ولبعضهم:
  يا راكب الذّنب هدهد ... واسجد كأنّك هدهد
  وقرأ أبو وجرة السعدي: هدنا إليك، بكسر الهاء، من هاده يهيده إذا حرّكه وأماله. ويحتمل أمرين، ان يكون مبنيا للفاعل والمفعول بمعنى حركنا إليك أنفسنا وأملناها أو حرّكنا إليك وأملنا على تقدير: فعلنا، كقولك: عدت يا مريض بكسر العين، فعلت من العيادة. ويجوز: عدت بالإشمام. وعدت، بإخلاص الضمة فيمن قال: عود المريض. وقول القول. ويجوز على هذه اللغة أن يكون {هُدْنا} بالضم فعلنا من هاده يهيده {عَذابِي} من حاله وصفته أنى {أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ} أى من وجب علىّ في الحكمة تعذيبه، ولم يكن في العفو عنه مساغ لكونه مفسدة. وأمّا {رَحْمَتِي} فمن حالها وصفتها أنها واسعة تبلغ كل شيء، ما من مسلم ولا كافر ولا مطيع ولا عاص إلا وهو متقلب في نعمتي. وقرأ الحسن: من أساء، من الإساءة. فسأكتب هذه الرحمة كتبة خاصة منكم يا بنى إسرائيل للذين يكونون في آخر الزمان من أمّة محمد ÷، الذين هم بجميع آياتنا وكتبنا يؤمنون، لا يكافرون بشيء منها {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ} الذي نوحى إليه كتاباً مختصاً به وهو القرآن {النَّبِيَ} صاحب المعجزات {الَّذِي يَجِدُونَهُ} يجد نعته أولئك الذين يتبعونه من بنى إسرائيل {مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ} ...... {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ} ما حرّم عليهم من الأشياء الطيبة، كالشحوم وغيرها. أو ما طاب في الشريعة والحكم، مما ذكر اسم الله عليه من الذبائح، وما خلى كسبه من السحت {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ} ما يستخبث من نحو الدم والميتة ولحم الخنزير، وما أهلّ لغير الله به أو ما خبث في الحكم، كالربا والرشوة وغيرهما من المكاسب الخبيئة. الإصر: الثقل الذي يأصر صاحبه، أى يحبسه من الحراك لثقله