الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 169 - الجزء 2

  و {أُمَماً} بدل من اثنتي عشرة. بمعنى: وقطعناهم أمما لأنّ كل أسباط كانت أمة عظيمة وجماعة كثيفة العدد، وكل واحدة كانت تؤمّ خلاف ما تؤمّه الأخرى، لا تكاد تأتلف. وقرئ اثنتي عشرة بكسر الشين {فَانْبَجَسَتْ} فانفجرت. والمعنى واحد، وهو الانفتاح بسعة وكثرة: قال العجاج:

  وكيف غربي دالج تبجّسا

  فإن قلت: فهلا قيل: فضرب فانبجست؟ قلت: لعدم الإلباس، وليجعل الانبجاس مسبباً عن الإيحاء بضرب الحجر للدلالة على أنّ الموحى إليه لم يتوقف عن اتباع الأمر، وأنه من انتفاء الشك عنه بحيث لا حاجة إلى الإفصاح به. من قوله {كُلُّ أُناسٍ} نظير قوله: اثنتي عشرة أسباطاً، يريد كل أمّة من تلك الأمم الثنتى عشرة. والأناس، اسم جمع غير تكسير، نحو. رخال وتناء وتوام وأخوات لها. ويجوز أن يقال: إن الأصل الكسرة والتكسير، والضمة بدل من الكسرة، كما أبدلت في نحو. سكارى وغيارى من الفتحة {وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ} وجعلناه ظليلا عليهم في التيه، و {كُلُوا} على إرادة القول {وَما ظَلَمُونا} وما رجع إلينا ضرر ظلمهم بكفرانهم النعم، ولكن كانوا يضرون أنفسهم. ويرجع وبال ظلمهم إليهم.

  {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ١٦١ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ ١٦٢}