الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 176 - الجزء 2

  أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ ١٧٢ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ١٧٣ وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ١٧٤}

  {مِنْ ظُهُورِهِمْ} بدل من بنى آدم بدل البعض من الكل. ومعنى أخذ ذرّياتهم من ظهورهم: إخراجهم من أصلابهم نسلا وإشهادهم على أنفسهم. وقوله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا} من باب التمثيل والتخييل! ومعنى ذلك أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته، وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها فيهم وجعلها مميزة بين الضلالة والهدى، فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم وقال لهم: ألست بربكم؟ وكأنهم قالوا: بلى أنت ربنا، شهدنا على أنفسنا وأقررنا بوحدانيتك. وباب التمثيل واسع في كلام الله تعالى ورسوله #، وفي كلام العرب. ونظيره قوله تعالى {إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، {فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} وقوله:

  إذْ قَالَتِ الأَنْسَاعُ لِلْبَطْنِ الْحَقِ

  ***

  قَالَتْ لَهُ رِيحُ الصَّبَا قَرْقَارِ