الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأعراف

صفحة 180 - الجزء 2

  بخمر وإنى لأظنكم آل المغيرة ذره النار. ويقال لمن كان عريقا في بعض الأمور: ما خلق فلان إلا لكذا. والمراد وصف حال اليهود في عظم ما أقدموا عليه من تكذيب رسول الله ÷، مع علمهم أنه النبي الموعود. وأنهم من جملة الكثير الذين لا يكاد الإيمان يتأتى منهم، كأنهم خلقوا للنار {أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ} في عدم الفقه والنظر للاعتبار والاستماع للتدبر {بَلْ هُمْ أَضَلُ} من الأنعام عن الفقه والاعتبار والتدبر {أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ} الكاملون في الغفلة. وقيل: الأنعام تبصر منافعها ومضارّها فتلزم بعض ما تبصره، وهؤلاء أكثرهم يعلم أنه معاند فيقدم على النار.

  {وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ١٨٠}

  {وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} التي هي أحسن الأسماء، لأنها ندل على معان حسنة من تمجيد وتقديس وغير ذلك {فَادْعُوهُ بِها} فسموه بتلك الأسماء {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ} واتركوا تسمية الذين يميلون عن الحق والصواب فيها فيسمونه بغير الأسماء الحسنى، وذلك أن يسموه بما لا يجوز عليه، كما سمعنا البدو يقولون بجهلهم: يا أبا المكارم، يا أبيض الوجه، يا نخىّ. أو أن يأبوا تسميته ببعض أسمائه الحسنى، نحو أن يقولوا: يا الله، ولا يقولوا: يا رحمن وقد قال الله تعالى {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} ويجوز أن يراد: ولله الأوصاف الحسنى، وهي الوصف بالعدل والخير والإحسان وانتفاء شبه الخلق