سورة التوبة
  # «من ألف المسجد ألفه الله» وقال # «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» وعن أنس رضى الله عنه: من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له ما دام في ذلك المسجد ضوؤه». فإن قلت: هلا ذكر الإيمان برسول الله ÷؟ قلت: لما علم وشهر أن الإيمان بالله تعالى قرينته الإيمان بالرسول # لاشتمال كلمة الشهادة والأذان والإقامة وغيرها عليهما مقترنين مزدوجين كأنهما شيء واحد غير منفك أحدهما عن صاحبه، انطوى تحت ذكر الإيمان بالله تعالى الإيمان بالرسول #. وقيل: دلّ عليه بذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. فان قلت: كيف قيل {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ} والمؤمن يخشى المحاذير ولا يتمالك أن لا يخشاها؟ قلت: هي الخشية والتقوى في أبواب الدين، وأن لا يختار على رضا الله رضا غيره لتوقع مخوف، وإذا اعترضه أمران: أحدهما حق الله، والآخر حق نفسه أن يخاف الله، فيؤثر حق الله على حق نفسه. وقيل: كانوا يخشون الأصنام ويرجونها، فأريد نفى تلك الخشية عنهم {فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} تبعيد للمشركين عن مواقف الاهتداء وحسم لأطماعهم من الانتفاع بأعمالهم التي استعظموها وافتخروا بها وأملوا عاقبتها، بأن الذين آمنوا وضموا إلى إيمانهم العمل بالشرائع مع استشعار الخشية والتقوى، اهتداؤهم دائر بين عسى ولعل، فما بال المشركين يقطعون أنهم مهتدون ونائلون عند الله الحسنى. وفي هذا الكلام ونحوه لطف للمؤمنين في ترجيح الخشية على الرجاء ورفض الاغترار بالله تعالى.
  {أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٩}