إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(8) شرح إعراب سورة الأنفال

صفحة 94 - الجزء 2

  وقراءة أهل الكوفة {مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ}⁣(⁣١) وفي التشديد معنى المبالغة، وروي عن الحسن {مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ} بالإضافة والتخفيف. والمعنى أنّ الله جلّ وعزّ يلقي في قلوبهم الرّعب حتى يتشتّتوا أو يتفرق جمعهم.

  {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ١٩}

  {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ} في معناه ثلاثة أقوال: يكون مخاطبة للكفار لأنهم قالوا: اللهمّ انصر أحبّ الفئتين إليك. {وَإِنْ تَنْتَهُوا} أي عن الكفر. {وَإِنْ تَعُودُوا} إلى هذا القول. {نَعُدْ} إلى نصر المؤمنين. وقيل: إن تستفتحوا مخاطبة للمؤمنين أي تستنصروا فقد جاءكم النصر وكذا «وإن تنتهوا» أي وإن تنتهوا عن مثل ما فعلتموه من أخذ الغنائم والأسرى قبل الإذن. {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} وإن تعودوا إلى مثل ذلك نعد إلى توبيخكم كما قال جلّ وعزّ {لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ}⁣[الأنفال: ٦٨]، والقول الثالث أن يكون أن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح للمؤمنين وما بعده للكفّار {وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} أي مع المؤمنين المطيعين وفتح (أنّ) بمعنى ولأنّ الله، والتقدير لكثرتها وأنّ الله، و «أنّ» في موضع نصب على هذا وقيل: هي عطف على «وأن الله موهّن» والكسر على الاستئناف.

  {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ٢٠}

  ابتداء وخبر في موضع الحال والمعنى وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم من الحجج والبراهين.

  {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ٢١}

  {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ} الكاف في موضع نصب على الظرف وخبر كان يكون {سَمِعْنا} بمعنى قبلنا كما يقال: سمع الله لمن حمده، ويكون من سماع الأذن، ويكون بمعنى وهم لا يشعرون وهم لا يتدبّرون ما سمعوا ولا يفكّرون فيه فهم بمنزلة من لم يسمع.

  {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ٢٢}

  {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ} والأصل أشرّ حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال وكذا «خير» الأصل فيها أخير، {الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} خبر «إنّ» ونعت.


(١) انظر البحر المحيط ٤/ ٤٧٣، وتيسير الداني ٩٥.