(2) شرح إعراب سورة البقرة
  ولا أعلم أنّ أبا إسحاق روى عن إسماعيل نحوا غير هذا الحرف. {وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ} خفض بمن وفتحت النون لالتقاء الساكنين.
  {وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ ٣٥}
  {وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} «أنت»: توكيد المضمر، ويجوز في غير القرآن على بعد: قم وزيد. {وَكُلا مِنْها} حذفت النون لأنه أمر وحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال فحذفها شاذ. قال سيبويه(١): ومن العرب من يقول: أوكل فيتمّ. {رَغَداً} نعت لمصدر محذوف أي أكلا رغدا. قال ابن كيسان: ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال. {حَيْثُ شِئْتُما} «حيث» مبنية على الضم لأنها خالفت أخواتها من الظروف في أنها لا تضاف فأشبهت قبل وبعد إذا أفردتا فضمّت. وحكى سيبويه(٢): أنّ من العرب من يفتحها على كل حال. قال الكسائي(٣): الضّمّ لغة قيس وكنانة والفتح لغة بني تميم. قال الكسائي: وبنو أسد يخفضونها في موضع الخفض وينصبونها في موضع النصب. قال {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٨٢] ويضمّ ويفتح ويقال: حوث. {وَلا تَقْرَبا} نهي فلذلك حذفت النون. {هذِهِ الشَّجَرَةَ} في موضع نصب بتقربا والهاء في هذه بدل من ياء، الأصل هذي، ولا أعلم في العربية هاء تأنيث مكسورا ما قبلها إلّا هاء هذه، ومن العرب من يقول: هاتا هند ومنهم من يقول: هاتي هند. وحكى سيبويه، هذه هند بإسكان الهاء. {الشَّجَرَةَ} نعت لهذه. {فَتَكُونا} جواب النهي منصوب على إضمار «أن» عند الخليل وسيبويه(٤)، وزعم الجرميّ: أنّ الفاء هي الناصبة، ويجوز أن يكون «فتكونا» جزما عطفا على تقربا.
  {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ ٣٦}
  {فَأَزَلَّهُمَا} من أزللته فزلّ، وفأزالها من أزلته فزال. {الشَّيْطانُ} رفع بفعله. {وَقُلْنَا اهْبِطُوا} حذفت الألف من اهبطوا لأنها ألف وصل وحذفت الألف من قلنا في اللفظ لسكونها وسكون الهاء بعدها. {بَعْضُكُمْ} مبتدأ. {عَدُوٌّ} خبره والجملة في موضع نصب على الحال، والتقدير وهذه حالكم وحذفت الواو لأن في الكلام عائدا كما يقال:
(١) انظر الكتاب ٤/ ٣٤١.
(٢) انظر الكتاب ١/ ٤٢.
(٣) انظر البحر المحيط ١/ ٣٠٦.
(٤) انظر الكتاب ٣/ ٢٧، ومعاني الفراء ١/ ٢٦، والبحر المحيط ١/ ٣١٠.