(16) شرح إعراب سورة النحل
  {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٨}
  {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ} ومن كسر الهمزة أتبع الكسرة الكسرة، وكسر الميم بعيد وأمّهات جمع أمّهة، وقيل: الهاء زائدة كما زيدت في أهرقت.
  {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٧٩}
  {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ} أي إلى خلقها كيف خلقت خلقا يتهيّأ لها معه الطيران والثبوت في الجو، وجعل ذلك تسخيرا منه لها مجازا فقال جلّ ثناؤه: {مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ} و {مُسَخَّراتٍ} حال. {ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ} لأنه جلّ وعزّ يثبتهنّ بالهواء الذي خلقه تحتهنّ فجعل ذلك إمساكا منه لهن اتساعا.
  {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ٨١}
  {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ} أي خلق لكم ما تتّخذون منه سرابيل وأقدركم على عمله وروي عن ابن عباس | أنه قرأ كذلك تتمّ نعمه عليكم ورفع النعمة. {لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ}(١) بفتح التاء واللام.
  {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ ٨٣}
  {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها} وإنكارهم إياها إضافتهم إياها إلى غير الله جلّ وعزّ وإشراكهم معه فيها غيره.
  {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ٨٤}
  {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً} والأمة القرن والجماعة فدلّ بهذا على أنّ في كلّ قرن من يطيعه جلّ وعزّ، ولا يكون الشهيد إلّا مطيعا. {ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} في الاعتذار. ومعنى لا يؤذن لهم في الاعتذار لا يقال لهم: اعتذروا بل يقال لهم: إن اعتذرتم لم يقبل منكم، ومثله {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}[المرسلات: ٣٦] أي لا يعتذرون اعتذارا ينتفع به.
(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٥٠٨، ومعاني الفراء ٢/ ١١٢.