(23) شرح إعراب سورة المؤمنين
  وجواب الشرط {فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي إذا أردت بهم عقوبة فأخرجني عنهم.
  {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قال الحسن البصري: والله لا يصيبها أحد حتّى يكظم غيظا ويصبر على مكروه.
  قال عبد الله بن مسعود: وبعضهم يرفعه همزه الموتة. والموتة: ضرب من الجنون. وجمعت همزة وهي ساكنة على همزات فرقا بين الاسم والنعت.
  وقد يكون القول في النفس قال جلّ وعزّ: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ}[المجادلة: ٨] فأمّا قوله: {ارْجِعُونِ} وهو يخاطب ربّه جلّ وعزّ ولم يقل: ارجعني ففيه قولان للنّحويّين: أحدهما أنّ العرب تتعارف أن الجبار إذا أخبر عن نفسه قال:
  لنفعلنّ ولنرجعنّ فإذا خوطب كانت مخاطبته مخاطبة الجميع فيقال له: برّونا وأرجعونا فجاءت هذه الآية بهذا، والقول الآخر: إن معنى ارجعون على جهة التكرير ارجعن ارجعن ارجعن، وهكذا قال المازني في قوله جلّ وعزّ: {أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ}[ق: ٢٤] قال معناه ألق ألق.
  {وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ} البرزخ في اللغة كل حاجز بين شيئين فالبرزخ بين الدنيا والآخرة كما روي أن رجلا قال بحضرة الشعبي: رحم الله فلانا قد صار من أهل الآخرة قال: لم يصر من أهل الآخرة ولكن صار من أهل البرزخ، وليس من الدنيا ولا من الآخرة. وأضفت يوما إلى يبعثون لأنه ظرف زمان، والمراد بالإضافة المصدر، وقال أبو إسحاق: حقيقته الحكاية.
  في معناه قولان: أحدهما قول ابن عباس: أنهم في وقت لا يتساءلون. ويوم في اللغة بمعنى وقت معروف. والقول الآخر أبين من هذا: يكون معنى {فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ} أنّهم لا يتفاخرون بالأنساب يوم القيامة، ولا يتساءلون بها كما كانوا في الدنيا يفعلون.