(28) شرح إعراب سورة القصص
  قال الفراء(١) {بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ} بالرفع لأنه صلة للكتاب وكتاب نكرة. قال: وإذا جزمت وهو الوجه فعلى الشرط.
  {أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} ابتداء وخبر. قال أبو العالية: هؤلاء قوم من أهل الكتاب آمنوا بمحمد ﷺ قبل أن يبعث وقد أدركه بعضهم. قال محمد بن إسحاق: سألت الزّهري عن قوله جلّ وعزّ {أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} من هم، فقال: النجاشي وأصحابه، ووجّه باثني عشر رجلا فجلسوا مع النبيّ ﷺ وكان أبو جهل وأصحابه قريبا منهم فآمنوا بالنبيّ ﷺ فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه فقالوا لهم خيّبكم الله من ركب، وقبحكم من وفد لم تلبثوا أن صدقتموه، ما رأينا ركبا أحمق ولا أجهل منكم، فقالوا: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ} لم نأل أنفسنا رشدا لنا أعمالنا ولكن أعمالكم {وَيَدْرَؤُنَ} من درأت أي دفعت أي يدفعون بالاحتمال والكلام الحسن الأذى، وقيل يدفعون بالتوبة والاستغفار الذنوب. {وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} فأثنى عليهم بأنهم ينفقون من أموالهم.
  شرط ومجازاة. تجبى إليه ثمرات كلّ شيء(٢) على تأنيث الجماعة و {يُجْبى} على تذكير الجمع، وثمرات جمع ثمرة، وثمر جمعه ثمار.
  {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها} منصوب عند المازني بمعنى في معيشتها فلما حذف «في» تعدّى الفعل، وهو عند الفراء(٣) منصوب على التفسير، قال: كما تقول: أبطرك مالك وبطرته، ونظيره عنده {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}[البقرة: ١٣٠]، وكذا عنده {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً}[النساء: ٤] ونصب المعارف على التفسير محال عند البصريين لأن معنى التفسير والتمييز أن يكون واحدا نكرة يدلّ على الجنس.
(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٠٧.
(٢) انظر تيسير الداني ١٣٩، والبحر المحيط ٧/ ١٢١ وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٤.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٠٨.