لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [في الآلام التي تقع من العبد]

صفحة 104 - الجزء 1

  (وإن كان) المجني عليه (غير مكلف) كالصبيان ونحوهم، مع كون الجاني متعدِّياً ولم يتب (فلمصلحة يعلمها الله تعالى كما مرَّ تحقيقه) في الألم الواقع من الله تعالى على غير المكلف، وإنما كان كذلك (للتخلية، ولعدم أعواض الجاني، كما مرَّ) من أنَّ ذا الكبيرة لا عوض له.

  قال (المهدي #) حاكياً (عن العدلية: لا بُدَّ من آلامٍ) تلحق بالجاني في الدنيا (يستحق بها العوض) من الله سبحانه (فيعطى المجني عليه منها) أي: من تلك الأعواض.

  (لنا) عليهم: (ما مرَّ من أنه لا عوض لصاحب الكبيرة).

  (قالوا:) لا يصح العوض للمجني عليه من الله؛ لأن (الذي من الله تفضّل لا إنصاف) للمجني عليه من الجاني.

  (قلنا: قد حصل الإنصافُ بزيادة العذاب كالقصاص) من الجاني فإنه إنصافٌ في الدنيا، مع أنه لم يصر إلى المجني عليه شيء من عوض الجاني، (فإن تاب) الجاني (جاز أن يقضيَ اللهُ عنه كما لا يعاقبه) بعد التوبة، (وجاز أن يقضي الله) إمَّا (من أعواضه إن جعل له أعواضاً، أو من أحد نَوْعَيِ الثواب، وهو النعيم) أي: المنافع والملاذ (دون التعظيم) وهو رفع المنازل بالإجلال ونحو ذلك؛ لأنَّ الثوابَ نوعان: نِعَمٌ وتعظيمٌ.

  وقال (جمهور المعتزلة: لا يجوز إلَّا من أعواضه كما لا يسقط الأرش بالعفو عن الجاني) فيما يجب فيه القصاص.

  وقال (البلخي: لا يجوز إلَّا الأول) وهو أن يقضي الله عنه؛ لأنَّ التوبةَ صيرت الفعلَ كأن لم يكن، (كما لا يعاقبه) على ما تاب منه.

  (قلت وبالله التوفيق: لا مانع من تفضُّله تعالى بالقضاء، كالمتفضل) من الخلق على غيره (بقضاء الأرش) عنه (وقد حصل الإنصافُ) بذلك؛ (لأنه عن الجناية) الواقعة من التائب (ولا مُوجِبَ)؛ لأن يقضي الله عنه (مع وجود ما يقضي) من أعواض الجاني.

  واعلم أنَّ الغم: كالألم في جميع ما مَرَّ ذكره، فما كان سببه من الله ففيه ما مَرَّ، وما كان سببه من العبد فكما مَرَّ أيضاً في جناية المكلف.