فصل [في الآلام التي تقع من العبد]
  (قلنا: ذلك ظلم) وقد قال تعالى: ({وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}) [الكهف: ٤٩].
  وهذه الوجوه المذكورة في الآلام حسنة حيث كانت من الله تعالى، (و) أمَّا حسنها من العبد فهو معنى قوله #، و (يحسُن) الألمُ (من العبد) لأمورٍ: (إمَّا عقوبة كالقصاص، أو لظن حصول منفعة كالتأديب) للصبي والعبد فإنه يحسن لمنفعة المؤدَّب سواء كانت دينية أم دنيوية (أو لدفع مضرَّة أعظم كالفصد والحجامة، أو لإباحة الله تعالى كذبح الأضاحي) فإنه يحسن، ولا يكون ذلك ظلماً؛ لعلمنا أن الله سبحانه ما أباح لنا ذلك إلَّا لمصلحةٍ قد ضمنها للمؤْلَم، وأعواض تزيد على ما لحقه من الضرر.
فصل [في الآلام التي تقع من العبد]
  قال (الهادي #: وما وقع من المكلف عدواناً ولم يتب زِيْدَ في عذابه) أي: عذاب المتعدِّي (بقدر جنايته، وأُخْبِرَ المجنيُّ عليه بذلك) أي: يُخبر بأنه قد زيد في عذاب من تعدَّى عليه بقدر جنايته، (فإن كان) المجني عليه (مؤمناً أُثيبَ على صبره) بسب ألم الجناية ونحوها.
  قال #: (قلت وبالله التوفيق: ويُحطُّ بالألمِ من سيئاته) أي: من سيئات المجني عليه (لسبب التخلية) بين الجاني والمجني عليه التي اقتضتها حكمة الله تعالى (ولقول الوصي #: «فأمَّا السبُّ فسُبُّوني فهو لي زكاةٌ» أي: تطهرة، أي: كفارة) للذنوب.
  (وإن كان) المجني عليه (ذا كبيرةٍ فلا يُزاد على إخباره؛ لانحباط العوض بمنافاته العقاب؛ لما مرَّ) من الأدلة على أنه لا العوض لصاحب الكبيرة.
  قال #: (ويمكن أن يجعله الله تعالى) أي: يجعل الألم الحاصل على صاحب الكبيرة (تعجيلَ بعض عقوبةٍ في حقه فلا يُخْبَر) بأنه قد زِيْدَ في عذاب من تعدَّى عليه (كما فعل الله تعالى ببني إسرائيل حين سلَّط عليهم بُخْتَ نَصَّرَ، فقال تعالى: {فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولا}[الإسراء: ٥] ونحوها).