لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [في الآجال وحقيقتها]

صفحة 106 - الجزء 1

فصل [في الآجال وحقيقتها]

  (والأجلُ وقت ذهاب الحياة) أي: خروج الروح من جسد الحيوان (وهو واحدٌ إنْ كان ذهابها بالموت اتفاقاً) بين علماء المسلمين.

  قال (بعض أئمتنا $، والبغدادية: وأجلان) اثنان (إن كان ذهابها بالقتل) أحدهما: (خَرْمٌ، وهو الذي يُقتل فيه) المقتولُ، وسُمِّيَ خرماً؛ لأنَّ القاتل قطع عمر المقتول أي: خرمه.

  (و) الثاني (مُسَمَّى وهو الذي لو سَلِمَ) المقتولُ (من القتل لعاش قطعاً حتى يبلغه) أي: يبلغ ذلك الأجل المسمى (ويموت فيه) وهذا مذهب قدماء أهل البيت $.

  وقال (بعض أئمتنا $، وبعض شيعتهم، والبهشمية) لا نقطع بأن المقتول لو سلم من القتل لعاش، وإنما (يجوز ذلك) ولا نقطع به؛ لأنه يجوز في ذلك الوقت من الله حياته وموته، وقال الحاكم: هذا التجويز إنَّما هو (قبل وقوع القتل لا بعده، إذ قد حصل موته بالقتل).

  قلنا: فيه نظرٌ؛ لأنَّ التجويزَ قبل وقوع القتل متفق عليه لا نزاع فيه، وإنَّما النزاع بعده، وهذا هو عين مذهب أهل الجبر، وبهذا يُعرَف أن تأويل الحاكم لكلام البهشمية غير صحيح.

  وقالت (المجبرة: لا يُجَوَّز قبله ولا بعده البتَّة) بل لو لم يقتل لمات عندهم قطعاً.

  (لنا) حجة على ما ذهبنا إليه من أن القتلَ خرمٌ: (قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}⁣[البقرة: ١٧٩]، وهو نصٌ صريحٌ يفيدُ القطع بأن القتلَ خَرْمٌ؛ إذ لو تُرِكَ المقتولُ خشيةَ القصاصِ لعاش قطعاً، ولو تُرِكَ المقتصُّ منه لتركه القتلَ الموجبَ للقصاص لعاش قطعاً كما أخبر الله تعالى في قصة قتل الخضر # الغلام؛ لأنه لو لم يقتله لعاش قطعاً حتى يُرهِقَ أبويه طغياناً وكفراً، كما أخبر الله تعالى) وكما أخبر في قصة قوم نوح، وهذا نص صريح بأن القتل خرم.

  (و) لنا (أيضاً لو لم يكن إلَّا أجلاً واحداً لزم أنْ لا ضمان على من ذبح شاة الغير عدواناً؛ إذ أحلَّها له، فهو محسنٌ عند المجبرة غيرُ آثمٍ للقطع بالإحسان) بعد القتل إذ لو لم يذبحها لماتت عندهم قطعاً (وآثم عند غيرهم بالإقدام غيرُ ضامنٍ؛ لانكشاف الإحسان) منه بذبحها لقولهم: إنه لا تجويز لحياته بعد وقوع القتل؛ لأنَّه مات بأجله وهذا عين مذهب الجبر.