فصل [في بيان المحكم والمتشابه]
  (قالوا: وَرَدَ الوقفُ على الجلالة) فدل ذلك على أن الواو للاستئناف.
  (قلنا: الوقف لا يمنع العطفَ بدليل صحة الوقف على أوساط الآي إجماعاً) بين العلماء، وبدليل جواز الوقف على آخر آية مع أن بعدها حرف عطف في كثير من الآيات (وإنما يمنع) العطفَ (دليلُ الإضراب عن الكلام السابق واستئناف ما بعده) أي: كون ما بعده منقطعاً معنىً عما قبله(١) (وهو) أي: دليل الإضراب (معدوم هنا) فبقيت الواو على أصلها وهو العطف، وإن فرضنا صحة الوقف على الجلالة بأنه مأثور عن النبي ÷ فيحتمل أن يكون للفرق بين علم الله جل وعلا وعلم عباده، فيراد به الأدب والتعظيم لله تبارك وتعالى.
  قال (القاسم بن إبراهيم والهادي والمرتضى والحسين بن القاسم العياني: وفواتح السُّور نحو {ألم} مما استأثر اللهُ بعلم معانيها) دون خلقه.
  قال (القاسم) وكذلك الهادي (@: ويجوز أن يُطلع الله سبحانه بعض أوليائه على معانيها).
  قال #: (قلت: بل الأظهر أنها على معانيها الوضعية) من كونها أسماء حروف الهجاء، (أقسم اللهُ تعالى بها كإقسامه بالنَّجم والسَّماء ونحوهما، بدليل صحة العطف على كثير منها بِمُقْسَمٍ به) مثلها (نحو {ق وَالْقُرْآنِ المجيد}) [ق: ١] فهذا قسمٌ بالقرآن المجيد، فيكون المعطوف عليه وهو قوله تعالى: {ق} قَسَماً مثله؛ لوجوب مشاركة المعطوف للمعطوف عليه في الحكم الثابت له.
  (وجواباتها) أي: فواتح السور المقسم بها (إمَّا مذكورة أو مُقَدَّرة) حذفت (لدلالة سياق الكلام عليها، وذلك) أي: حذف الجواب (جائزٌ إجماعاً؛ لثبوت هذه القاعدة لغةً) أي: ثبوت حذف الجواب لما يدل عليه ثابت في لغة العرب، بل إن ذلك يزيد الكلامَ فصاحة.
(١) وأيضاً يمنع من صحة العطف ما ذكره أهل المعاني والبيان، من كمال الانقطاع أو كما الاتصال أو شبه الكمالين.