فصل [في بيان الحق في الظني من الفروع]
  (والمتأول للشرائع بالسقوط نحو الباطنية - مُكَذِّبٌ لرسول الله ÷ فيما جاء به) من القرآن وغيره وذلك بسبب ادِّعائه لعلم الباطن الذي لم يجعل الله إليه سبيلاً (فهو كمن كَذَّبَهُ) ظاهراً، وأنكر كونه نبياً (ولا خلاف في كفره) أي: المُكَذِّب لرسول الله (مع نظره) واجتهاده فكذلك حكم من تأوَّل الشرائع بالسقوط.
  (ومن أخطأ في غير ذلك) الذي ذكرناه(١) (بعد التَّحري) والبحث في طلب الحق (فمعفوٌ عنه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ}[الأحزاب: ٥] ولم يفصل، وقوله ÷: «رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان» ولم يفصل، وللإجماع على أنَّ من نكح امرأةً في العِدَّة جهلاً غيرُ آثم مع أنَّه قد خالف ما عُلِمَ) تحريمه (من الدين ضرورة) وهو نكاح المعتدة، فصار جهلُه رافعاً للإثم عنه؛ لأنه غير معاند، ولهذا ارتفع الحرج على من لم يتعمد.
فصل [في بيان الحق في الظني من الفروع]
  قال (جمهور أئمتنا $ وجمهور غيرهم: وكذلك الحق في الظني من الفروع واحدٌ أيضاً) يعنى: أنَّ لِلَّهِ سبحانه فيها حكماً مُعيناً، فمن أصابه فهو المصيب، ومن أخطأه فهو المخطئ.
  وقال (أبو عبد الله الداعي، والمؤيّد بالله، وأبو طالب، والمنصور بالله، وأحمد بن الحسين، والمهدي $، و) مِنَ المعتزلة (أبو علي، وأبو هاشم، وأبو عبد الله البصري، وأبو الهذيل، وقاضي القضاة وغيرهم) فكلهم قالوا: (بل كل مجتهد فيه) أي: في الظني (مصيبٌ) للحق، بمعنى: أنه ليس لِلهِ فيه حكم مُعَيَّن قبل الاجتهاد، بل كلَّها حق؛ إذ مراد الله تعالى من كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده.
  (لنا) حجة في أن الحق مع واحد: (قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ...} الآية) [الأنبياء: ٧٩]، (وقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا}) [آل عمران: ١٠٣].
(١) أي: من أخطأ في غير المسائل القطعية، ولم يخالف ما علم من الدين ضرورة، ولم يؤده خطأه إلى الجهل بالله، وكذلك من لم يتعمد مخالفة مجتهدي العترة $ وكان ذلك بعد البحث والتحري فلا إثم عليه لعموم أدلة العفو.