لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [في بيان الحق في الظني من الفروع]

صفحة 143 - الجزء 1

  (وقوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ}⁣[آل عمران: ١٠٥]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ١٥٩]، ولم تفصل هذه الآيات) بين ما كان من أُصول الدين وفروعه، ولا بين القطعي والظني.

  (و) لنا أيضاً من السُّنَّة (قوله ÷ «لا يختلف عالمان ولا يقتتل مسلمان» ولم يفصل) أيضاً كذلك، (و) يؤكد قولنا إنه (لم يثبت جوازه) أي جواز التفرق والاختلاف (في كل شرائع الأنبياء $ بدليل قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}⁣[الشورى: ١٣] ولم يفصل) بين الأصول والفروع، ولا بين المتقدمين والمتأخرين في توصيتهم بالدين ألَّا يتفرقوا فيه.

  (و) لنا أيضاً (قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً⁣(⁣١) فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}) أي: حسداً وظلماً ({فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}) [البقرة: ٢١٣].

  (بيان الاستدلال بهذه الآية: أنَّ) لفظَ ({النَّبِيِّينَ} عامٌ لكل نبيٍ) لأنَّ اللَّامَ فيه للجنس فأفادت العموم (ونبينا ÷ سيِّدهم، والكتاب في قوله تعالى: {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} عامٌ) لكل كتاب أنزله الله، وإن كان لفظهُ مُفرداً (بدليل أنَّ الكُتبَ مع الأنبياء كثيرةٌ، ونظيره) أي: نظير الكتاب في إفادته العموم وهو لفظ مفرد (قوله تعالى: {وَالْعَصْر ١ إِنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْر ٢}) فالمراد به كل إنسان (بدليل صحة الاستثناء، و) إذا كان الكتابُ عاماً لكل كتاب فـ (القرآن واسطة عِقْدِهَا الثمين) أي: المُعَظَّم من بين تلك الكتب فهو فيها كواسطة العِقْد وهو القلادة من جواهر وغيرها؛ لأنَّ الواسطةَ تكون أعظم جوهراً من سائر خرز العِقْدِ.


(١) قال في البرهان: يعني عشرة قرون بعد آدم كانوا على الحق ثمَّ اختلفوا. وفي الكشاف: عن ابن عباس أنه كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون على شريعة من الحق.