باب [في بيان الشريعة وأدلتها]
  (قالوا: قال ÷: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن حكمَ فأخطأ فله أجر»).
  (قلنا: ذلك حجة لنا؛ لأنه ÷ قال «فأخطأ») أي أخطأ الحقَّ وذلك نَصٌ في لمقصود، (وقوله ÷ «فله أجر») لا حجة لكم فيه؛ لأنَّ الأجرَ (جزاءٌ على البحث؛ لأنَّه عبادةٌ) لِلهِ تعالى (لا على العمل بخلافه) أي: لا أنَّه ثبت له الأجر على العمل بالخطأ الذي هو خلاف ذلك الحق الذي لم يعمل به.
  (قالوا: اختلفت الصحابة) في مسألة الجدِّ والكلالة والعَوْل وغير ذلك (من غير نكير) فلو كان الحقُ واحداً لأنكر بعضهم على بعض.
  (قلنا:) اختلافهم لا يدل على جواز الاختلاف، ولا كون الحق مع كلِ واحدٍ؛ لأنَّهم قد اختلفوا فيما الحق فيه مع واحدٍ كالإمامة، مع أن (إنكار الوصي # لكثير من القضايا) والمسائل التي قضى بها الصحابة واجتهدوا فيها (لا خلاف فيه) فإنه أنكر على عمرَ في نيف وعشرين مسألة حتى قال عمر: لولا عليٌ لهلك عمر(١)، (ونقل إنكاره) أي: إنكار علي # للخلاف (جملة، وكذلك) أيضاً نُقِلَ إنكار الخلاف (عن كثير من الصحابة) فقد رُويت التخطئة عن علي #، وزيد بن ثابت وغيرهما لابن عباس في عدم القول بالعول، ورُوي عن ابن عباس أنه خطأ من قال به، وغير ذلك كثير.
  (قالوا: لا مانع من أنَّ الله تعالى يخاطب بمجمل، ويريد من كُلٍّ ما فهمه) فيكون مفهوم كل مجتهد مراداً لِلّهِ وصواباً.
  (قلنا: قام الدليلُ على منعه كما مرَّ) ذِكْرُهُ من الأدلة على تحريم الاختلاف.
(١) هنا حذف الخبر وجوباً، والتقدير: «لولا علي موجودٌ أو حاضرٌ ...».