لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

باب [في بيان الشريعة وأدلتها]

صفحة 144 - الجزء 1

  (وقوله تعالى: {لِيَحْكُمَ} الضمير عائد إلى الكتاب المفيد للعموم، أي: لتحكم تلك الكتب بين الناس فيما اختلفوا فيه من الأحكام التي عُرفت بالكتب، بدليل قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ}) أي: إلَّا الذين أوتوا الكتاب الذي فيه بيان الأحكام والمراد: اختلفوا في أحكامه (أي: الُمختلف فيه من بعد ما جاءتهم البينات من نصوص تلك الكتب وأماراتها الدالة على أعيان الأحكام) والمعنى أنَّ الاختلافَ وقع من بعد إنزال الكتب ومعرفة الهدى بغيا على أهل الحق. (فقال تعالى: {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} لَمَّا كان الحقُ مع بعضهم فَبُغِيَ عليهم بالمخالفة والشِّقاق) حسداً (لهم بعد ما عُرِفَ أن الحقَ بأيديهم) أي: بأيدي ذلك البعض المبغي عليهم، (إمَّا) أن يكون عُرِفَ ذلك (بما ذكرنا من النصوص والأمارات) بأن الحق بأيدي ذلك البعض، (وإمَّا بالنص على أن ذلك البعض هو الُموفَّق لإصابة الحق) وذلك نحو ما ورد في عترة النبي ÷ من (نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}⁣[الأحزاب: ٣٣]، وقوله ÷: «إني تارك فيكم ...» الخبر). وإنَّما اختص ذلك البعض بتوفيق الله لهم (حيثُ نَوَّر اللهُ قلوبهم لَمَّا أطاعوه؛ لقوله تعالى: {إَن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً}⁣[الأنفال: ٢٩] كما مرَّ. وذلك) التوفيق لإصابة الحق هو (معنى قوله تعالى: {فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بإِذنِهِ}) [البقرة: ٢١٣] أي: هداهم لمعرفة الحق الذي وقع فيه الاختلاف وذلك بتوفيق الله وهدايته لهم، فدلت الآية على أنَّ الحقَ الذي أمرَ اللهُ باتباعه واحدٌ، وأن بعض خلقه أصابه، وبعضهم أخطأه وخالفه بغياً وعدواناً.

  (قالوا) أي: مخالفونا في هذه المسألة: (قال تعالى: {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ}) [الحشر: ٥] فدل ذلك على أن اجتهاد من رأى قطع اللِّينة أو تركها حقٌ.

  (قلنا: معنى {فَبِإِذْنِ اللهِ} فبإباحته، وذلك حكمٌ واحدٌ) سوى الله فيه وخيَّر بين القطع والترك.