لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

(علم الكلام)

صفحة 16 - الجزء 1

  (قالوا) أي: الأشعرية ومن وافقهم: (قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}⁣[الإسراء: ١٥]، فدلت أن لا استحقاق للعقاب قبل ورود الشرع).

  (والجواب - والله الموفق -: أنَّ الآيةَ لا تنافي ما ذهبنا إليه) من أنَّ العقلَ يستقل بإدراك حسن عقاب المسيء قبل ورود الشرع (لأنَّ المعنى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} بعد استحقاق العذاب بارتكاب القبائح العقلية) التي أدركوا قبحها بعقولهم قبل أن تبلغهم الرسل، (بدليل: قوله تعالى: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ}) [الانعام: ١٣١] عن السمع.

  (فأخبر الله سبحانه أنَّهم قد ارتكبوا القبح⁣(⁣١) الذي هو الظلم، وهم غافلون عن السمع؛ حيثُ لم تبلغهم الرسل) وسمى ما ارتكبوه من القبائح العقلية ظلماً، وهي لا تكون ظلماً إلا إذا كانوا قد أدركوا قبحها بعقولهم، (فقال تعالى: {حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}⁣[النساء: ١٦٥]، بأن يقولوا) أي: مرتكبو القبائح العقلية: (حصل العلم بالاستحقاق ولم نجزم بالوقوع؛ لعدم معرفتهم لربهم، كمن يقتل نفساً على غفلةٍ فإنه يعلم أنَّ القصاصَ مستحَقٌ عليه، ولا يجزم بوقوعه؛ لتجويز أن لا يطلع عليه أحدٌ، فيقولون: لو أنذرنا منذرٌ لأصْلَحْنَا) أي: لتداركْنا ما فَرُطَ منا من القبيح بالإصلاح، (بدليل قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى}⁣[طه: ١٣٤]، ونظيره في الشرعيات) أي: نظير الإعذار بإرسال الرسل في العقليات بعد استحقاق العقاب (عدمُ جوازِ حد المرتد حتى يُدْعَى إلى التوبة) والرجوع إلى الإسلام.


(١) لفظ المتن في الشرح (القبيح).