فصل
  (و) أيضاً معارض ذلك الأصل الذي هو الجهل (بوجوب حمل علماء الصحابة على السلامة، وعدم الإخلال بتعريفهم) أي: تعريف المتقدمين باستحقاقه # للإمامة دونهم؛ لأنه يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيحمل علماء الصحابة أنهم قد عرفوهم ذلك؛ (إذ مثل ذلك) التعريف (واجبٌ) عليهم (لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُون}) [البقرة: ١٥٩] فيبعد حينئذٍ تقدير الجهل مع كل هذه القرائن، (وَلِنَقْلِ تعريفهم) أي: نقل تعريف علماء الصحابة (إيَّاهم) أي: المتقدمين له # (نقلاً لم يبلغ حدَّ التواتر).
  قال #: (و) مع هذه المعارضات للجهل (وجب الوقف في حقهم) عند من التبس عليه تعمُّدُهم (دون علماء الصحابة؛ لحصول العلم بتلبسهم بالمعصية، وهو اغتصاب إمامته # ولم يحصل مثل ذلك) التلبُّس (في حق علماء الصحابة).
  (فإن قيل: فحاصل الكلام أن أمرهم مُلْتَبِسٌ، والأصل الإيمان فَلْنتوَلَّهُم إبقاءً لهم على الأصل) من إيمانهم المعلوم.
  قال #: (قلت وبالله التوفيق: أن ذلك) الأصل (مُعارَضٌ بأن الأصلَ في كل معصية) متعمدة (الكِبَرُ كما هو مذهب عيون العترة $؛ لقوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا}[النساء: ١٤] وقوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}) [الجن: ٢٣] ولم يفصل بين معصية ومعصية كما سيأتي إن شاء الله.
  قال #: (وأيضاً حصول الالتباس نَسَخَ العلم بإيمانهم في الظاهر، ولا يصح التولي إلَّا مع العلم بالإيمان في الظاهر بإجماع العترة $).
  (فإن قيل: قد ثبت عن أهل المذهب وجوب صلاة الجنازة على من شهدت قرينةٌ بإسلامه) كالختان وفرق الرأس ونحو ذلك (والدعاءُ له مشروع فيها، وهو فرع التَّولِّي).