فصل [بم يصير المكلف كافرا]
  (قلنا:) لا يجوز تكفيره؛ لجواز أن يكون (سمعها خبراً فتوهمها قرآناً) وحينئذٍ لم يتعمد إثبات ما ليس من القرآن (والله يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ}[الأحزاب: ٥]، وقول النبي ÷: «رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان») ولا يجوز التكفير والتفسيق إلا بدليل قاطع.
  (ولنا:) أيضاً (الإجماع على عدم تكفير ابن مسعود، وهو من أهل القراءة الشاذة).
  قال # (ومرتكب الكبيرة الغير الُمخرجة من الملة يُسمَّى فاسقاً اتفاقاً) بين أهل علم الكلام، وإنَّما اختلفوا هل يسمى منافقاً أو كافراً.
  قال (أئمتنا $ وجمهور المعتزلة، والبصري، وبعض الخوارج: ولا يُسمَّى) فاعل الكبيرة عمداً (مؤمناً، خلافاً لمن مرَّ ذكره) من أهل الإرجاء في فصل الإيمان، بناء منهم على أن الإيمان هو التصديق، والأعمال ليست منه، (و) خلافاً أيضاً (لبعض الخوارج في تارك الواجبات) الشرعية فهو مؤمن عندهم (لا فاعل أي كبيرة) فإنه لا يسمى مؤمناً كما مرَّ ذكره عنهم.
  (لنا: ما مَرَّ) من الأدلة على أن الإيمان: الإتيان بالواجبات واجتناب المقبحات.
  قال (ابن عباس والصادق، والقاسم، والهادي والناصر، وأحمد بن سليمان $، وقد رُوي أنه إجماع قدماء العترة $ والشيعة: ويُسَمَّى) مرتكب الكبيرة عمداً (كافر نعمة)؛ لأنَّ الطاعات شكرٌ لِلهِ، وتركها كفر بنعمة الله، (خلافاً للجمهور) من المعتزلة وغيرهم فقالوا: لا يُسمَّى كافر نعمة؛ لأنَّ الطاعات عندهم ليست شكراً، والفسق لا يُنَافي الشكر.
  (قلنا: هو) أي: الكفر (معناه) أي: معنى مرتكب الكبيرة أي: ارتكابها كفر (عُرْفاً) أي: في عرف أهل اللغة؛ لأنَّ الكفر عرفاً: الإخلال بالشكر كما مرَّ ذكره، وفاعل الكبيرة مخلٌ بالشكر؛ (لأنَّ الطاعاتِ شكرٌ لِلهِ كما مَرَّ) في كتاب النبوَّة.
  (ولقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ}[آل عمران: ٩٧] أي: ومن ترك الحج، فَسَمَّى ترك الحج كفراً).
  (وقد ثبت النص) من الشارع (على إطلاقه) أي: اسم الكفر (على الإخلال بالشكر، قال تعالى: {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ}) [النحل: ١١٢] فصرح بأن الإخلال بالشكر كفرٌ، (ولأن الفسق