لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

باب [في ذكر القيامة]

صفحة 205 - الجزء 1

  (و) كذلك يلزمنا التكليف بـ (المرور إلى الجنة كالمرور في الحج) فما الفرق بين المرورين؟

  (قلنا: لا سواءَ) بين المرورين ولا بين الوقوفين؛ (لأنَّ الوقوفَ في المحشر لا مشقة فيه على المؤمنين) وإن كان فيه مشقةٌ على العاصين فليس تكليفاً؛ (لأنه تعجيل جزاءٍ للمكلفين، وكذلك مرورهم إلى الجنة) لا مشقة فيه؛ (لسرورهم وشوقهم إليها، بخلاف المرور على جسر جهنم، فهو مشقة لا أعظم منها؛ لأنكم تزعمون أن الأنبياءَ والمرسلين يقولون: سَلِّمْ سَلِّمْ: خوفاً من أن يقعوا فيها) أي: في النار (وذلك أعظم تكليف) لا شك فيه.

  (قالوا: قال تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}) [مريم: ٧١] أي: النار (وليس ورودها إلَّا المرور على الجسر) الذي فوقها.

  (قلنا: بل ورودها حضورها) أي: القرب منها (فقط؛ لأنَّ الورودَ في اللغة بمعنى الحضور كقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ}⁣[القصص: ٢٣]، أي: حضر) ماء مدين، وحضورها هو (من غير خوف ولا حَزَنٍ على المؤمنين؛ لقوله تعالى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُون}⁣[فصلت: ٣٠]، وقوله تعالى: {وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُون}) [النمل: ٨٩] وهذا إنما يكون قبل دخولهم الجنة.

  (قالوا: قد رُوي عنه ÷ أنه قال: «يُمَدُّ الصراط فيكون أول من يمر به أنا وأُمّتي والملائكة بجنبيه أكثرهم يقول: سَلِّمْ سَلِّمْ» ... الخبر).

  (قلنا: لا ثقة براويه، وإن سُلِّم فمعارض بأقوى منه، وهو قوله ÷ لعلي كرم الله وجهه في الجنّة: «يا علي إنَّ المؤمنين إذا خَرجُوا من قبورهم استقبلوا بنوقٍ عليها رحائل الذهب يستوون عليها فتطير بهم إلى باب الجنة». الخبر بطوله) وفيه تصريح بعدم الجسر.

  (وما روى ابنُ البَيِّع) وهو من خيار الشيعة (بإسناده إلى النعمان بن سعد قال: كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه فقرأ قولَه تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}⁣[مريم: ٨٥] قال: «لا والله ما على أرجلهم يُحشرون ولا يُساقون ولكنهم يُؤْتَوْنَ بنوقٍ من نوق الجنة لم تنظر الخلائقُ إلى مثلها، أرحالها الذهب وأزِمَّتُهَا الزبرجد، فيقعدون عليها