فصل [في ذكر المؤثر]
  قالوا: (و) ما يجري مجرى المؤثر ثلاثة أشياء: الأول: (الشرط) وهو: (ما يترتب صحةُ تأثيرِ غيره عليه) أي: تأثير غير الشرط وهو الجوهرية، على الشرط وهو الوجود - فإنَّه شرطٌ في اقتضاء الجوهرية للتحيز وليس بمؤثر فيه، (أو) صحةُ تأثيرِ (ما يجري مجرى الغير) وهو الصفة عندهم فإنَّها جاريةٌ مجرى الغير وصحةُ تأثيرِها مترتّبٌ على وجودها (وهو) أي الشرط (نحو: الوجود) فإنَّه شرطٌ (في تأثير المؤثرات) أي: في اقتضاءِ الجوهرية للتحيز، والعالميةِ للإحكام، والقادريةِ لصحة الفعل، وليس بمؤثر فيها؛ وإنما هو شرط لصحة تأثير غيره عليه، وهو معنى قوله #: (وشرطُه) أي: شرط الشرط: (أن لا يكون مؤثِّراً «بالكسر» في وجود المؤثَّر «بالفتح») وإنَّما هو شرط مصحِّح لتأثير المؤثر كما ذكرناه آنفاً.
  (و) الثاني مما يجري مجرى المؤثر: (الداعي) وهو (عندهم ضربان: حَاجِي وحِكْمِي) فالحاجي: ما تدعو إليه الحاجة، والحِكْمِي: ما تدعو إليه الحكمة.
  (فالأول: العلم أو الظن بحسن الفعل لجلب نفع النفس) كالأكل (أو دفع الضرر عنها) كالهروب من حرارة الشمس لأجل دفع ضررها.
  (والثاني: العلم أو الظن بحسن الفعل من غير نظر إلى نفع النفس، أو دفع الضرر عنها كمكارم الأخلاق) من إكرام الضيف وإفشاء السلام والإحسان، فإنَّ الحكمةَ تدعو إلى ذلك.
  (و) الثالث مما يجري مجرى المؤثر: (المقتضي)(١) وهو (الصفة الأخص) أي: التي تختص بالذات كالجوهرية في الجوهر فإنَّها مختصةٌ به مقتضيةٌ للتحيُّز، وهذه الصفة الأخص هي (المؤثِّرة تأثيرَ العلة، والمُشْتَرطُ فيها) أي: في الصفة الأخص (شرطُها) أي: شرط العلة، وهو مقارنة ما أوجبته، (وكذلك شرطُ ما أوجبته) وهو أن لا يتخلف عنها.
  قال #: (قلت: هي) أي: العلة والسبب وما يجري مجراهما (إما لا دليل على تأثيرها؛ بل قام الدليلُ على بطلانه) أي بطلان تأثيرها، (وذلك هو العلةُ والمقتضي؛ إذ ما إيجابهما لِما ادُّعِيَ تأثيرهما إياه) وهو المعلولُ، الذي هو الصفة أو الحكم (بأولى من العكس) وهو كون الصفة
(١) قالوا: هو صفة تقتضي صفة أخرى يرجعان إلى ذات واحدة، كالتَّحيُّزِ فإنَّه مقتضى عن الجوهرية. من عدة الأكياس.