فصل [والعالم محدث]
  كالسفلى عُليا والعكس (بأولى من العكس؛ لعدم الاختيار، فثبت أنَّه) أي: الاختلاف المذكور (لفاعلٍ) مختارٍ قادرٍ حيٍّ عليمٍ وهو الله تعالى (ولزم تقدمه) أي ذلك الفاعل (ضرورةَ عدمِ اختياره، وعدمِ صحة كونه فاعلاً لولا تقدمه) أي يُعلَم بضرورة العقل أنه لو لم يتقدم الفاعل على فعله لكان غيرَ مختارٍ وغيرَ فاعلٍ، وقد ثبت كونه فاعلاً مختاراً فثبت تقدمه.
  · والدليل الثالث: دليل القياس وهو بيان قوله #: (وأيضاً: هما) أي: السماوات والأرض (كالمبنيات) من البيوت والقرى التي يبنيها البشر (إذ لم تكن صحة الزيادة والنقصان، والتحويل والتبديل، والجمع والتفريق في المبنيات إلَّا لأجل أنَّها محدَثهٌ، والفارقُ) بين السماوات والأرض والمبنيات (معدومٌ) فثبت حدوثهما كحدوث المبنيات، بالقياس العقلي فهو حجة؛ لأنه مفيد للعلم.
  · (وأمَّا غيرهما) أي: غير السماوات والأرض (ممَّا ذكرَه اللهُ تعالى في سياق الآية) من اختلاف اليل والنهار ... وإلخ (فحدوثُه مُدرَكٌ ضرورةً) أي بضرورة العقل.
  (فحدوثُ العالَمِ لا يخلو: إمَّا أن يكونَ لفاعلٍ، أو لغيرهِ، أوْ لَا لفاعلٍ ولا لغيره).
  (ليس الثالث؛ لأنَّ تأثيراً لا مؤثر له محالٌ، وبذا) أي: بكونه محالاً (يعرف بطلانُ قول عوام الملحدة: الدجاجة والبيضة محدَثتان ولا محدِث لهما) ويكفي في بطلان قولهم كونه جحداً للضرورة؛ فإن العقلاء يحكمون باستحالة تأثير لا مؤثر له، (و) بذا يعرف أيضاً بطلانُ (قول ثمامة: المتولد) من الأفعال (مُحدَثٌ(١) لا مُحدِثَ له) وسيأتي إن شاء الله تحقيق قوله وإبطاله في فصل حكم أفعال العباد، (وإلَّا) أي وإن لم يكن تأثيرٌ لا مؤثر له محالاً عند العقلاء، (لزم أن يوجدَ بِناءٌ بلا بانٍ، وهو محال) فثبت أن المُحْدَثَ لابُدَّ له من مُحْدِثٍ.
  (ولا الثاني) وهو أن يكون المحدِثُ للعالَمِ علةً أو نحوها (إذ لا تأثير لغير الفاعل كما تقدم في فصل المؤثرات؛ فثبت أنَّه) أي: حدوث العالم (لفاعلٍ) أحدثه وصنعه وابتدعه من العدم المحض بعد أن لم يكن شيئاً وهو الله رب العالمين.
(١) في الشرح المخطوط صوابه: (حدَث).