لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [والعالم محدث]

صفحة 32 - الجزء 1

  وتفريقِ كلٍّ منهما) أي: يحكم العقلُ بأنَّهما لم ينفكا عن إمكان ذلك (فهما مع ذلك الإمكان: إمَّا قديمتان) لا أول لوجودهما، (أو محدثتان).

  (ليس الأول) وهو أن يقال هما قديمتان (لأنَّا قد علمنا ضرورةً أنهما لا يُعقَلان منفكَّين عنه) أي: عن ذلك الإمكان (وكلُّ ذي حالةٍ لا يُعقل منفكاً عن حالته يستحيل ثبوته منفكاً عنها) أي: عن حالته التي لم يعقل إلا عليها؛ لأنَّها حالةٌ لازمة له، (كالعمارة فإنَّها يستحيل وجودها منفكة عن إمكانها) أي: إمكان العمارة فإنَّها لا تُعقل إلا ممكنة، وما ذلك إلا لتقدم صانعها عليها، (وكالمستحيل) من الأشياء فإنَّ له حالةً، وهو: كونه لا يمكن وجوده، لهذا (فإنَّه يستحيل تخلفه عن عدم إمكانه)؛ لأنَّه لا يُعقل إلا لازماً لعدم الإمكان، كوجود الليل والنهار في وقت واحد، (فلو كانتا قديمتَيْنِ لكانتا قد تخلفتا عن ذلك الإمكان؛ لأنَّ الإمكانَ لا يكون إلا مع التمكن) من الزيادة والنقصان ... وإلخ، (والتمكن) من ذلك (لا يكون إلَّا بعد صحة الفعل، وصحة الفعل لا تكون إلا بعد وجود الفاعل، وما كان) من الأشياء (بعد وجود غيره فلا شك في حدوثه، ولزم حدوث ما توقف علية) أي: على ذلك الشيء الذي هو بعد غيره، وهو صحة الفعل (من جميع ذلك) وهو وجودُ السماوات والأرض، وإمكانُ الزيادةِ والنقصانِ ... وإلخ؛ لتوقف ذلك على صحة الفعل وقد ثبت حدوثه.

  (ولزم تخلفهما عنه) أي: عن ذلك الإمكان (لو كانتا قديمتين وهو محالٌ) أي: تخلفهما عن الإمكان؛ (لِمَا بينَّا، فثبت الثاني وهو حدوثهما).

  · والدليل الثاني: دليل الاختلاف: وهو معنى قوله #: (وأيضاً: هما) أي: السماوات والأرض (مختلفتان، فاختلافهما لا يخلو: إمَّا أن يكونَ للعدمِ، أو لِعلَّةٍ فرضاً، أو لفاعلٍ).

  (ليس الأول) وهو العدم؛ (لأنَّ العدمَ لا تأثير له) عند العقلاء.

  (ولا الثاني) وهو العلة المفروضة؛ (لأنَّ تأثيرَ العلة تأثير إيجاب بزعمهم، فلو كان كذلك) أي: لو كان المؤثر هو العلة (لوجبَ) أي: لجازَ (أن تكونَ السماءُ أرضاً والعكس، والسفلى من السماوات عُلْيَا والعكس؛ إذ ما جَعْلُ إحداهما أرضاً والأُخرى سماءً ونحو ذلك)