فرع
  (قالوا:) لو كان الإدراك في حق الله سبحانه بمعنى العلم لما وجدنا الفرق بين إدراك الشيء والعلم به، و (قد وجدنا الفرق بين العلم والإدراك بالسمع والبصر) وذلك (كلو فتح أحدُنا عينه وأمَامَه شيءٌ مرئي) فإنه يراه لا محالة (ثم) إذا (غمَّض) عينه لم يره مع أنه يعلمه، فثبت الفرق بين العلم والإدراك (وأجلى الأمور ما وجدنا من النفس).
  (قلنا: إنَّا لا ننفي إدراكه تعالى للمدرَكات) أي: علمه بها (لكن يدركها بذاته) لا بسمع ولا بصر ولا حياة (كما يأتي إن شاء الله تعالى).
  (وأما قياسكم له تعالى) على المخلوق في فتح العين وتغميضها (ففاسد؛ لأنه ليس لله من جارحة عينين يفتحهما ثم يغمضهما - تعالى الله عن ذلك - فالفرق بينكم وبينه جَليٌ؛ إذ لا يُدرك بالحواس ولا يقاس بالناس {ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء}[الشورى: ١١] {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}) [الإخلاص: ٤] فبطل ما ذكره المخالف، وصح ما ذكره أئمتنا $.
فرع
  (والله سامع مبصر).
  قال (جمهور أئمتنا $ والبغدادية: وهما بمعنى عالم كما مَرَّ).
  وقال (بعض أئمتنا $ وبعض شيعتهم، والبصرية: بل هما صفتان له حين يُدْرِكُ المسموعَ والمُبْصَرَ بالحياة، كما مرَّ) لهم.
  (لنا: ما مرَّ) عليهم.
  قال #: (فإن قيل: فَبِمَ يُدرِكُ) تعالى (المدركات؟).
  قال #: (قلت وبالله التوفيق: يُدركها على حقيقتها بذاته تعالى) لا بغيرها، كما أنه عالمٌ بذاته لا بغيرها؛ (لبطلان الأمور والمعاني كما مرَّ، وهذا) الذي ذكرناه من قولنا: يدركها بذاته هو (معنى قول الأئمة $: يدركها) أي: المدركات (بعلمه؛ لأنَّ علمَه ذاتُهُ كما تقرر) سابقا في ذكر صفاته تعالى.