لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [والله سميع بصير]

صفحة 40 - الجزء 1

  (قالوا: إنما لم يُدركا لمانع وهو الآفة) الحاصلة في السمع والبصر.

  (قلنا: تلك الآفة هي سلب ذلك المعنى) الموجود في حدق العين وصماخ الأذن، فإن سُلِبَ منه بطلَ الإدراك (وإلَّا) يكن سلب ذلك المعنى هو المانع من الإدراك (لزم أنْ لَا يدرك المأيوف بغير سلبه) أي: يلزم ألَّا يُدرك من كان فيه آفةٌ غير سلب ذلك المعنى (كالأرمد) فيلزم ألَّا يدرك لوجود الآفة، والمعلومُ أنه يُدرك فبطل أن تكون الحياةُ مقتضيةً للإدراك، لا في حقنا ولا في حقه تعالى.

  (وإن سُلِّم لزم أن يَرَى الأعمى ويسمع الأصمُّ بأيِّ عضوٍ من جسديهما؛ لوجود الحياة في ذلك العضو، وسلامته من الآفة) وذلك معلوم البطلان.

  (قالوا: يلزم) من القول بأن الإدراك بمعنىً في العين أو الأذن (شيئان؛ الأول: أن يوجدَ المعنى) الذي يُدرك به (ويعدم المدرَك) أي: المسموع والمبصر (ويُدرَك في حال عدمه؛ لوجود المعنى) الذي يُدرك به.

  (والثاني: أن يعدم المعنى ويوجد المدرَك ولا يُدرَك؛ لعدم المعنى) الذي يُدرك به.

  (قلنا: لِمَ جعلتم الأول) وهو وجود المعنى ... (لازماً لنا؟ فيلزمكم) مثلما ألزمتمونا وهو (أن يعدمَ المدرَك، ويُدرَك في حال عدمه؛ لوجود الحياة والسلامة من الآفة) الموجِبَيْن للإدراك بزعمكم؛ (إذ لا فرق) بين اللازمين (و) نحن (لا نلتزمه) أي: لا نلتزم ما ألزمتمونا؛ (لعدم تعلقه) أي: المعنى (بالمدرَك في حال عدمه).

  (وأما الثاني فملتَزَمٌ) أي: نحن نقول به، وهو (لا يقدح) في قولنا؛ إذ هو (نحو وجودِ المدرَكِ عند الأعمى والأصَمِّ وعدمُ إدراكهما) إنما كان (لعدم المعنى، وأنتم إذ جعلتموه قادحاً، فيلزمكم) مثلما ألزمتمونا أيضاً وهو (أن يدرك) أي: المدْرَك (لوجوده في حال عدم الحياة) لأنكم جعلتم وجودَ المدْرَكِ لا زماً للإدراك؛ (إذ لا فرق) بين الازمين، (فالجماد عندكم سميع بصير) لأجل وجود المدرَكِ كما زعمتم، والمعلوم بطلانه.