لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [في استحالة الفناء على الله]

صفحة 49 - الجزء 1

  وقال (بعض اليهود وبعض النصارى معاً: بل هم أبناءُ الله) كما حكى الله عنهم بقوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}⁣[المائدة: ١٨].

  (قلنا) رداً عليهم: (الولد يستلزم الحلول ثم الانفصال، ولا يحل إلَّا في جسم، ولا ينفصل إلا عنه، والله تعالى ليس بجسم؛ لما مرَّ) من الأدلة على ذلك.

  (و) من السمع (قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}⁣[الإخلاص: ٤]، وقال تعالى حاكياً ومقرراً) لقولهم: ({وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}) [الجن: ٣]، أي: تعالى شأنه وسلطانه عن اتخاذ الصاحبة والولد.

  (وقال تعالى سبحانه: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَة}) [الأنعام: ١٠١]، (وقال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا}) [الاسراء: ١١١].

  (وقد صح) أي: القرآن والاستدلال به (بما يأتي إن شاء الله تعالى) في كتاب النبوة.

فصل [في استحالة الفناء على الله]

  (والله سبحانه لا يجوز عليه الفناءُ؛ لأنَّ الفناءَ لا يكون إلا بقدرة قادر؛ إذ لا تأثير لغير القادر كما مرَّ) في فصل المؤثرات (والله سبحانه ليس من جنس المقدورات) التي يصح أن تتعلق بها قدرة القادر؛ لأنَّ المقدورات كلها أجسام وأعراض لذلك (فلا تعلّق به القدرة لما مرَّ) من أنه تعالى ليس بجسم ولا عرَض، فاستحال عليه الفناءُ لذلك.

  وقال (بعض العِلِيَّة) وهم بعض المعتزلة الذين زعموا أنَّ للعلة تأثيراً كتأثير الفاعل فقالوا: (بل) لا يجوز عليه الفناء؛ (لأنَّ ذاتَه أوجبت وجوده) وكذلك أوجبت سائر صفاته تعالى، (والذات ثابتة في الأزل وهو) أي: الوجود أمر زائد عليها لكنه (لا يتخلف عنها) أي: عن الذات (كما مرَّ لهم) في المؤثرات، فلزم من ذلك وجوده تعالى في الأزل واستحالة الفناء عليه؛ لوجود العلة المقتضية لوجوده تعالى في الأزل، كما زعموا.