فصل
فرع
  قالت (العترة $ والجمهور: ولا قديم غير الله تعالى، خلافاً لمن أثبت معاني قديمة) وهم الأشعرية والكرامية حيث جعلوا صفاته تعالى معاني قديمة قائمة بذاته كما مرَّ ذكره عنهم، (و) خلافاً لمن أثبت (كلاماً قديماً) وهم الأشعرية والحشوية فقالوا إن كلام الله قديم.
  (قلنا: يلزم أن يكون للقدماءِ ماله تعالى من الإلهية؛ لعدم المخصص) لبعض القدماء على بعض مع الاشتراك في القدم، (ولعدم الفرق) حينئذٍ بين قديم وقديم (وقد بطل أن يكون غيره إلهاً بما مرَّ) من الأدلة على أنه لا إله غيره.
فصل
  (ولم يكلف اللهُ عبادَه العقلاء من معرفة ذاته إلَّا ما مرَّ) ذكره من كونه إلهاً واحداً، أولاً آخراً، رباً مالكاً للسماوات والأرض وما فيهما، قادراً عالماً حياً، سميعاً بصيراً، لا تدركه الأبصار، ليس كمثله شيء؛ وذلك (لتعذر تصوره تعالى؛ لما ثبت أنه تعالى ليس بجسم ولا عَرَض، والتصورُ إنما يكون لهما ضرورة، وتعذرِ فهم التعبير عن كنهها) أي تعذر فهم التعبير عن كنه ذاته تعالى؛ (لأنَّ التعبيرَ إنما يُفهم ضرورةً عما يصح أن يُدرَكَ بالمشاعر، وهي الحواس الخمس، وما يلحق بها وهو: الوجدان المدرك به نحو لذة النفس وألمها، يفهم المخاطب ما كان أدركه بها) أي بالحواس وما يلحق بها (أو يفهم المخاطب مثلَه) أي مثل ما أدركه من المدركات يفهمه بالقياس على ما أدركه بعينه منها وذلك (بالتعبير المعروف الدلالة على ذلك المدْرَك عنده ولا يصح أن يُدرَكَ بالمشاعر والوجدان إلا ما كان جسماً أو عَرَضاً، وقد بطل بما مرَّ أن يكون تعالى جسماً أو عَرَضاً فثبت تعذر فهم التعبير عن كنه ذاته تعالى).
  (واعلم أنَّ العلمَ بأنَّ للمصنوع صانعاً لا يستلزمُ معرفةَ كنه ذات صانعه، كالآثار الموجودة في القفار) فالعقل لا يدرك كنه ذات صانعها من كونه طويلاً أو قصيراً أو غير ذلك، وإنما يحكمُ بأنَّ لها صانعاً حياً قادراً عالماً حكيماً، فثبت بذلك أنه تعالى لم يكلف عباده من معرفة ذاته إلا ما مرَّ.