فصل
  (قلنا:) قولكم ذلك (يستلزم الحاجة) على الله إلى ثبوت تلك الذوات في الأزل ليصح تعلق العلم والقدرة بها (وقد مر بطلانها) أي: الحاجة على الله (فيلزم بطلان ما يستلزمها) وهو ثبوت الذوات في الأزل، (ولا فرق أيضاً بين الثبوت والوجود في العربية؛ فلو كان لفظُ ثابت يُطلق عليها في الأزل حقيقةً كما زعموا لكان لفظُ موجودٍ كذلك) أي يطلق عليها في الأزل، (ولكانت لا أول لوجودها) كما زعموا أنه لا أول لثبوتها، (وبطلان ذلك متفق عليه).
  (وأيضاً علم الله تعالى متعلق بصفةِ ما سيكون الوجودية) أي: الصفة الوجودية؛ لأنه تعالى يعلم صفات المعدوم كما يعلم ذات المعدوم، وقد زعمتم أنه يستحيل تعلق علم الله بالمعدوم (فلو كان) تَعلُّقُ علم الله بالمعدوم (يوجبُ الثبوتَ) أي: ثبوت المعلوم في الأزل (لزم أن يكون ما سيكون) من الذوات المعدومة (موجوداً في الأزل؛ لثبوت صفته الوجودية؛ لصحة تعلق العلم بها كالذات) سواءً فكما أن تعلق العلم بالذّات يوجب ثبوتها بزعمكم في العدم كذلك تعلق العلم بصفة الذات؛ (لعدم الفرق) بين الذات وصفتها في ذلك (وذلك معلوم البطلان عند الجميع).
  قال (الإمام الحسن بن علي بن داود #: ليس مرادهم بثبوتها) في العدم (إلا تصوُّرَهَا).
  قال #: (قلت وبالله التوفيق: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ علمَ الله تعالى) للمعلومات (ليس بتصور) لأنَّ التصورَ تخيل الشيء وتمثيله في الذهن، فهو عرَضٌ يختص بالمخلوقين، والله سبحانه يتعالى عن ذلك.