لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل [في حكم أفعال العباد]

صفحة 77 - الجزء 1

  وقالت: (النجارية والكلابية والأشعرية والضرارية وحفص الفرد: بل الله يخلقه كذلك) أي: في العبد فهو فعله تعالى (وللعبد منه كسب) فأثبتوا لفعل العبد جهتين: كونه خلقاً لله، وكونه كسباً للعبد.

  (قلنا) رداً عليهم: (حصولُه) أي: الفعل (منَّا بحسب دواعينا وإرادتنا) له، وانتفاؤه بحسب كراهتنا له وصوارفنا عنه (معلومٌ ضرورة، عكس نحو الطول والقصر) فإن ذلك لا يقف على اختيارنا ولا كراهتنا، (و) لنا من السمع (قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}) [فصلت: ٤٠] فنص تعالى على أنَّ الأعمالَ صادرةٌ من العباد بحسب مشيئتهم (ونحوها) كثير في القرآن وهو مملوءٌ بنحو: تعملون، تفعلون، تصنعون.

  (و) لنا عليهم أيضا أنه (يلزم أن تجعلوا الله تبارك وتعالى علواً كبيراً كافراً لفعله الكفر، كاذباً لفعله الكذب، ونحو ذلك، والكافر والكاذب أبرياء من ذلك - لُعِنُوا بما قالوا - ويلزم من إفكهم ذلك بُطلان الأوامر والنواهي وإرسال الرسل) إلى المكلفين (لأنه لا فعل للمأمور) وإنما هو فعل الله بزعمهم فكيف يحسن أمر من لا يستطيع الفعل ونهيه؟ (والكل) مما اعتقدوه ولزمهم (كفرٌ) لا ريب فيه.

  (قالوا: قال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون}) [الصافات: ٩٦] أي: خلقكم وعملكم فجعلوا ما مصدرية بزعمهم.

  (قلنا:) ليس كما زعمتم، بل (معناه خلقكم والحجارةَ التي تعملونها أصناماً لكم، بدليل أول الكلام، وهو قوله تعالى: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُون}) [الصافات: ٩٥] أي: أتعبدون ما تصنعونه بأيديكم مع أنَّ اللهَ خلقكم والحجارة التي تعملونها أصناماً لكم وهذا استنكار من الله عليهم، فلو كان النَّحتُ والعبادة من فعل الله لما أنكر عليهم؛ إذ كيف ينكر عليهم ما هو من فعله تعالى، فثبت أنَّ لفظَ «ما» في الموضعين موصولة وليست مصدرية.