لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل

صفحة 78 - الجزء 1

  قال (الجاحظ: لا فعل للعبد إلَّا الإرادة) له فقط (وما عداها متولدٌ بطبع المحل) أي: محل الفعل ليس من الله ولا من العبد إذ لا مباشر عنده إلَّا الإرادة فقط، والأفعال كلها متولدة عنده بطبع المحل.

  قال (النَّظَّام: ما خرج عن محل القدرة ففعل الله تعالى) لكن لم يفعله ابتداءً، بل (جعله طبعاً للمحل) فهو فعله تعالى - متولد - بواسطة ذلك الطبع.

  وقال (ثمامة: ما ذكره النظام حدَثٌ لا مُحدِث له) ليس ذلك من فعل الله ولا من العبد، والعجب منه كيف أثبت حدَثاً من غير مُحْدِثٍ، ولم يثبت ذلك كثير من الملاحدة.

  (قلنا) رداً على الجميع: (لو كان) الأمر (كذلك) أي: كما زعموا (ما جاز القصاص رأساً، ولا العقاب) للقاتل ونحوه (إلَّا على مجرد الفعل الذي هو الإرادة) عند الجاحظ، (أو المبتدأ فقط) عند النظام وثمامة، (وإن سُلِّم) على استحالته (لزم استواءُ عقاب من قتل زيداً، وعقاب من أراد قتل عمرو) ولم يقع القتل؛ لأنَّ الإرادة التي هي فعل العبد قد وقعت في الموضعين، وهو لا يُعاقب إلَّا عليها (وحينئذٍ يجب) إما (الاقتصاص منهما) جميعا أو عدمه، (وكذلك) يلزم استواءُ عقاب (من قتل بالمتولد) من الأفعال، (ومن فعل فعلاً) مباشراً (غير مُتولِّد ولم يَقْتُل به، وذلك باطل).

  قال (ابن الولهان: فعل المعصية ليس من العبد بل من الشيطان يدخل في العبد، فيغلبه على جوارحه، ويتصرف فيها) على حسب إرادته، ولا فعل للعبد فيها رأساً.

  (قلنا: لو كان كذلك لم يجز العقاب عليها؛ لأنَّ ذلك) أي: العقاب حينئذٍ (ظلمٌ، والله سبحانه يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}) [الأنعام: ١٦٤] فكيف يعاقب العبد على فعل غيره؟