فصل [في الإرادة]
  (فإرادةُ الله تعالى لفعله: إدراكه بعلمه حِكْمة الفعل) أي: علمه باشتمال الفعل على الحكمة والمصلحة، (وكراهتُهُ جل وعلا: إدراكه بعلمه قبح الفعل) أي: علمه باشتمال الفعل على المفسدة، وعلى هذا فالإرادة والكراهة يرجعان إلى معنى الإدراك، أي: علمه تعالى بكون الفعل حكمةً أو مفسدةً، و يعلم الله ذلك قبل وجود المعلوم، (والمعلوم عند العقلاء أن إدراك المعلوم) أي: إدراك الفعل المشتمل على حكمة أو مفسدة (غيرُ العالِم) وهو الله سبحانه وتعالى (وغيرُ المعلومِ) وهو ذلك الفعل (ولا يلزم من ذلك) أي: من قوله #: إن إرادة الله تعالى إدراكه بعلمه حكمة الفعل، وأنها غير العالم وغير المعلوم، أن تكون الإرادة (توطين النفس) على الفعل (لأن التوطين هو النية، ولا يشك العقلاء أن إدراك المعلوم هو غير النية) وغير الضمير، فلا يلزم من ذلك أن تكون الإرادة عرَضاً حالاًّ في غيره. [إلى هنا تمام النسخة المتأخرة التي ألحقها المؤلف #].
  (وقال بعض الزيدية، وجمهور المعتزلة: بل هي) أي: إرادة الله سبحانه حقيقة؛ إذ هي (معنًى خلقه الله مقارناً لخلق المراد) وذلك المعنى (غير مُرادٍ في نفسه، ولا محلَّ له)؛ لأن الحلول في حقه تعالى مستحيل.
  (قلنا: يستلزم الحاجة على الله سبحانه إليه) أي: إلى ذلك المعنى الذي هو إرادته بزعمهم (و) يستلزم أيضاً (نحو العبث) كالسهو ... (حيثُ لم يكن) ذلك المعنى (مُراداً في نفسه) لأن من فعل ما لا يُريد فهو عابث عقلاً، (و) أيضاً (عرض لا محل له مُحَالٌ كحركةٍ لا في متحرك).
  وقال (بعض المجبرة: بل) إرادته تعالى (معنىً قديم) كقولهم في سائر صفاته تعالى.
  (قلنا: يستلزم إلهاً مع الله تعالى وقد مرَّ إبطاله أو توطين النفس، وذلك يستلزم التجسيم) لأن التوطين عرض يختص بالأجسام، (و) يستلزم (الجهل، وقد مرَّ إبطالهما).
  وقالت (النجارية: بل) الله تعالى مريد (لذاته).