فصل
  (قلنا: يلزم توطين النفس، [وأن تكون ذاتهُ مختلفة؛ لأنَّ إرادته الصيام في رمضان خلافُ إرادتهِ تركه يوم الفطر؛ لأن التخالف لا يكون إلَّا بين شيئين فصاعداً])(١).
  وقالت (الرافضة: بل) إرادته تعالى هي (حركة لا هي الله تعالى ولا هي غيره).
  (قلنا: لا واسطة إلَّا العدم).
  وقال (الحضرمي: بل) إرادته تعالى (حركة في غيره).
  (قلنا: إذاً فالمريد غيره تعالى) وهو ذلك الغير الذي حلت فيه الحركة (وإن سُلِّمَ لزم الحاجة) إلى ذلك الغير المتحرك لإيجاد المرادات، (و) يلزم أيضاً (أن يكون أولُ مخلوق) خلقه الله تعالى (غيرَ مرادٍ؛ لعدم وجود غيره تعالى) تحل فيه تلك الحركة (حينئذٍ، وذلك يستلزم نحو العبث) كالسهو والغفلة (كما مرَّ) في الرد على جمهور المعتزلة.
  (قالوا:) أي من خالفنا وأثبت الإرادة الحقيقية: الدليل على كونه تعالى مريداً كإرادة الواحد منا، أن قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ} خبرٌ يصلح أن ينصرف إلى كلِ واحدٍ ممن اسمه محمد، و (لا ينصرف «محمد رسول الله» ÷ إلى ابن عبد الله إلَّا بإرادة من الله تعالى) بكونه المقصود بهذا الخبر من بين سائر المحمَّدين.
  (قلنا: لم ننفها) أي: الإرادة؛ (إذ هي ما ذكرنا) لاستحالة الإرادة الحقيقية في حقه تعالى.
  قالت (العدلية: وللعباد إرادةٌ يُحدثونها) لمصالح أنفسهم ودفع مضارهم.
  وقالت (المجبرة: لا) أي: ليس للعباد إرادة يحدثونها.
  (قلنا: لا ينكرها عاقل، وقال تعالى: {فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً}) [الزمر: ١٩] فنسَبَ المشيئة - وهي الإرادة - إلى العبد، (وقال تعالى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا}) [النساء: ٦٠] فنسب الإرادة إلى الشيطان، وهذا دليل على ثبوت الإرادة كما ذكرنا.
  (وهي) أي: الإرادة (من العبد توطين النفس على الفعل أو الترك).
(١) ما بين القوسين قال في الشرح: إنه زيادة في بعض النسخ، وهو مبنيٌ على نسخة متقدمة كانت في الأساس.