التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية،

محمد محيي الدين (المتوفى: 1393 هـ)

أسئلة

صفحة 147 - الجزء 1

  ثُمَّ اعلَمْ أنَّ اسْمَ «لا» عَلَى ثلاثةِ أنواعٍ، الأوَّل: المُفرَدُ. والثَّانِي: المضافُ إلَى نكرةٍ. والثَّالثُ: الشّبيهُ بالمضافِ.

  أمَّا المُفرَدُ فِي هذَا البابِ، وفِي بابِ المنادَى، فهُوَ: «مَا لَيْسَ مُضَافاً وَلا شَبِيهاً بِالمُضَافِ» فيدخلُ فيهِ المُثنَّى، وجمْعُ التَّكْسِيرِ، وجمْعُ المذكَّرِ السَّالمُ، وجمْعُ المُؤنَّثِ السَّالمُ.

  وحكمُهُ أنَّهُ يُبْنَى عَلَى مَا يُنْصَبُ بِهِ: فإذَا كانَ نصبُهُ بالفَتْحَةِ بُنِيَ عَلَى الفَتْحِ، نحوُ: «لا رَجُلَ فِي الدَّارِ»، وإنْ كانَ نصبُهُ بالياءِ - وذلكَ المُثنَّى وجمْعُ المذكَّرِ السَّالِمُ - بُنِيَ عَلَى الياءِ نحوُ: «لا رَجُلَيْنِ فِي الدَّارِ» وإنْ كانَ نصبُهُ بالْكَسْرَةِ نيابةً عن الفَتْحَةِ - وذلكَ جمْعُ المُؤنَّثِ السَّالمُ - بُنِيَ عَلَى الكسرِ، نحوُ: «لا صَالِحَاتٍ اليَوْمَ».

  وأمَّا المضافُ فيُنْصَبُ بالفَتْحَةِ الظَّاهِرَةِ أوْ بمَا نَابَ عنْهَا، نحوُ: «لا طَالِبَ عِلْمٍ مَمْقُوتٌ».

  وأمَّا الشّبيهُ بالمضافِ - وهُوَ «مَا اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ تَمَامِ مَعْنَاهُ» فمثلُ المضافِ فِي الحُكْمِ: أيْ يُنْصَبُ بِالفَتْحَةِ، نحوُ: «لا مُسْتَقِيماً حَالُهُ بَيْنَ النَّاسِ».

  قَالَ: فَإِنْ لَمْ تُبَاشِرْهَا وَجَبَ الرَّفْعُ، وَوَجَبَ تَكْرَارُ «لاَ» نَحْوُ: «لاَ فِي الدَّارِ رَجُلٌ وَلاَ امْرَأَةٌ» فَإِنْ تَكَرَّرَتْ جَازَ إِعْمَالُهَا وَإِلْغَاؤُهَا، فَإِنْ شِئْتَ قُلْت: «لاَ رَجُلَ فِي الدَّارِ وَلاَ امْرَأَةَ» وَإِنْ شِئْتَ قُلْت: «لاَ رَجُلٌ فِي الدَّارِ وَلاَ امْرَأَةٌ».

  وَأقول: قدْ عرفتَ أنَّ شروطَ وجوبِ عملِ «لا» عملَ «إنَّ» أربعةٌ، وهذَا الكلَامُ فِي بَيَانِ الحكمِ إذَا اختلَّ شرطٌ من الشُّروطِ الأرْبَعَةِ السَّابقةِ.

  وبيانُ ذلكَ أنَّهُ إذَا وقعَ بعْدَ «لا» مَعْرِفَةٌ وجبَ إلغاءُ «لا» وتكرارُهَا، نحوُ: «لا مُحَمَّدٌ زَارَنِي وَلا بَكْرٌ» وإذَا فصلَ بيْنَ لا واسمِهَا فاصلٌ ما، وجبَ كَذَلِكَ إلغاؤهَا وتكرارُهَا نحوُ: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ٤٧} فَغَوْلٌ: مبتدأٌ مؤخَّرٌ، وفيهَا: متعلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٌ مقدَّمٌ، و «لا» نافيَةٌ مهملَةٌ، وإذَا تكرَّرتْ «لا» لَمْ يجبْ إعمالُهَا، بلْ