شروط الحال، وشروط صاحبها
  وقدْ يجيءُ من المجرورِ بالإضَافَةِ، نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، فَحَنِيفاً: حَالٌ مِن إبراهيمَ، وإبراهيم مجرورٌ بالفَتْحَةِ نيابةً عن الكَسْرَةِ، وهُوَ مجرورٌ بإضافةِ «ملَّة» إليْهِ.
  لِمَا انْبَهَمَ مِنَ الهَيْئَاتِ، نَحْوُ قَوْلِكَ: «جَاءَ زَيْدٌ رَاكِباً» وَ «رَكِبْتُ الفَرَسَ مُسْرَجاً» وَ «لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ رَاكِباً» وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
شروط الحال، وشروط صاحبها
  قَالَ: وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ نَكِرَةً، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ تَمَامِ الكَلاَمِ، وَلاَ يَكُونُ صَاحِبُهَا إِلاَّ مَعْرِفَةً.
  وَأقول: يجبُ فِي الحالِ أن يكونَ نكرةً، ولا يجوزُ أن يكونَ معرفةً، وإذَا جاءَ تركيبٌ فيهِ الحالُ معرفةٌ فِي الظَّاهرِ، فإنَّهُ يجبُ تأويلُ هذِهِ المعرفةِ بنكرةٍ، مثلُ قولِهم: «جَاءَ الأَمِيرُ وَحْدَهُ»، فإنَّ «وَحْدَهُ» حالٌ من الأميرِ، وهُوَ معرفةٌ بالإضَافَةِ إلَى الضّميرِ، ولكنَّهُ فِي تأويلِ نكرةٍ هِيَ قوْلُكَ: «مُنْفَرِداً» فكأنَّكَ قلْتَ: جَاءَ الأَمِيرُ مُنْفَرِداً، ومثلُ ذلكَ قولُهم: «أَرْسَلَهَا العِرَاكَ»، أيْ: مُعْتَرِكَةً، و «جَاؤُوا الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ» أيْ: مُتَرَتِّبينِ.
  والأصلُ فِي الحالِ أن يجيءَ بعْدَ استيفاءِ الكلامِ، ومعْنَى استيفاءِ الكلامِ: أن يأخذَ الفِعْلُ فاعلَهُ، والمبتدأُ خبرَهُ.
  وَرُبَّمَا وَجَبَ تقديمُ الحالِ عَلَى جميعِ أجزاءِ الكلامِ، كمَا إذَا كانَ الحالُ اسْمَ استفهامٍ، نحوُ: «كَيْفَ قَدِمَ عَلِيٌّ» فكيفَ: اسْمُ استفهامٍ مبنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ فِي محلِّ نصْبٍ حالٌ مِن عليّ، ولا يجوزُ تأخيرُ اسْمِ الاستفهامِ.
  ويُشترطُ فِي صاحبِ الحالِ أن يكونَ معرفةً، فلا يجوزُ أن يكونَ نكرةً بغيرِ مسوِّغٍ. وممَّا يسوِّغُ مجيءَ الحالِ من النّكرةِ أن تتقدَّمَ الحالُ عليْهَا، كقولِ الشَّاعرِ:
  لِمَيَّةَ مُوحِشاً طَلَلٌ ... يَلُوحُ كَأَنَّهُ خِلَلُ