التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية،

محمد محيي الدين (المتوفى: 1393 هـ)

الكلام

صفحة 5 - الجزء 1

  

  قَالَ المُصَنِّفُ: وهُوَ أبُو عبدِ الِلَّهِ بنُ محمَّدِ بنِ داودَ الصَّنْهَاجِيُّ المعروفُ بابنِ آجُرُّوم، المولودُ فِي سنةِ ٦٧٢ اثنتينِ وسبعينَ وستِّمِائةٍ، والمُتَوفَّى فِي سنةِ ٧٢٣ ثلاثٍ وعشرينَ وسبعِمِائةٍ من الهجرةِ النّبويَّةِ ¦.

  قَالَ: الكَلاَمُ هُوَ اللَّفْظُ المُرَكَّبُ المُفِيدُ بِالوَضْعِ.

  وأقول: لِلَفْظِ «الكلامِ» معْنيَانِ: أحدُهمَا لُغويٌّ، والثّانِي نحويٌّ.

  أمَّا الكلَامُ اللُّغويُّ فهُوَ عبارةٌ عمَّا تحصُلُ بسببهِ فَائِدَةٌ، سواءٌ أَكانَ لفظاً، أمْ لَمْ يكنْ، كالخطِّ والكتابةِ والإشارةِ.

  وأمَّا الكلَامُ النّحويُّ، فلا بُدَّ مِن أن يجتمعَ فيهِ أربعةُ أمورٍ: الأوَّلُ أن يكونَ لفظاً، والثَّاني أن يكونَ مركَّباً، والثَّالثُ أن يكونَ مفيداً، والرَّابعُ أن يكونَ موضوعاً بالوضْعِ العربيِّ.

  ومعنَى كَونِهِ لفظاً: أن يكونَ صَوْتاً مشتمِلاً عَلَى بعضِ الحروفِ الهجائيَّةِ التي تبتدئُ بالألفِ وتنتهي بالياءِ، ومثالُهُ «أحمَدُ» و «يَكتُبُ» و «سعِيدٌ»؛ فإنَّ كلَّ واحدةٍ مِن هذهِ الكلماتِ الثّلاثِ عنْدَ النّطقِ بهَا تكونُ صَوْتاً مشتمِلاً عَلَى أربعةِ أَحْرُفٍ هجائيّةٍ: فَالْإشَارةُ مثلاً لا تُسمَّى كلاماً عنْدَ النّحويينَ؛ لعدمِ كونِهَا صوتاً مشتمِلاً عَلَى بعضِ الحروفِ، وإنْ كَانتْ تُسمَّى عنْدَ اللُّغويينَ كلاماً؛ لحصولِ الفائدةِ بهَا.

  ومعْنَى كونِهِ مُركَّباً: أن يكونَ مؤلَّفاً مِن كلمتينِ أوْ أَكْثَرَ، نحوُ: «مُحَمَّدٌ مُسَافِرٌ» و «العِلْمُ نَافِعٌ» و «يَبْلُغُ المُجْتَهِدُ المَجْدَ» و «لِكُلِّ مُجْتَهِدٍ نَصِيبٌ» و «العِلْمُ خَيْرُ مَا تَسْعَى إِلَيْهِ» فكلُّ عبارةٍ مِن هذهِ العباراتِ تُسمَّى كلاماً، وكلُّ عبارةٍ منْهَا مؤلَّفةٌ مِن