التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية،

محمد محيي الدين (المتوفى: 1393 هـ)

إن وأخواتها

صفحة 96 - الجزء 1

  وغيرُ المَاضِي مِن هذِهِ الأَفْعَالِ يعملُ عملَ الماضي، نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨}، و {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ}، {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}.

إِنَّ وأخواتها

  قَالَ: وَأَمَّا إِنَّ وَأَخَوَاتُهَا فَإِنَّهَا تَنْصِبُ الاسْمَ وَتَرْفَعُ الخَبَرَ، وَهِيَ: إِنَّ، وَأَنَّ، وَلَكِنَّ، وَكَأَنَّ، وَلَيْتَ، وَلَعَلَّ، تَقُولُ: إِنَّ زَيْداً قَائِمٌ، وَلَيْتَ عَمْرًا شَاخِصٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمَعْنَى إِنَّ وَأَنَّ التَّوْكِيدُ، وَلَكِنَّ للاسْتِدْرَاكِ، وَكَأَنَّ للتَّشْبِيهِ، وَلَيْتَ للتَّمَنِّي، وَلَعَلَّ للتَّرَجِّي وَالتَّوَقُّعِ.

  وَأقول: القِسْمُ الثَّانِي مِن نواسخِ المبتدأِ والخبرِ «إنَّ» وأخواتُهَا، أيْ: نظائرُهَا فِي العملِ، وَهِيَ تدخلُ عَلَى المبتدأِ والخبرِ، فتنْصِبُ المبتدأَ ويُسمَّى اسمَهَا، وترفْعُ الخبرَ - بمعْنَى أنَّهَا تجدِّدُ لهُ رفعاً غيرَ الذي كانَ لهُ قبْلَ دخولهَا - ويُسمَّى خبرَهَا، وهذِهِ الأدواتُ كلُّهَا حروفٌ، وَهِيَ ستَّةٌ.

  الأوَّلُ: «إِنَّ» بكسرِ الهمزةِ.

  والثَّانِي: «أَنَّ» بفتحِ الهمزةِ.

  وهمَا يدلاَّنِ عَلَى التّوكيدِ. ومعنَاهُ تقويَةُ نسبةِ الخبرِ للمبتدأِ، نحْوُ «إِنَّ أَبَاكَ حَاضِرٌ» ونحوُ: «عَلِمْتُ أَنَّ أَبَاكَ مُسَافِرٌ».

  والثَّالثُ: «لكنَّ» ومعنَاهُ الاستدراكُ، وهُوَ: تعقيبُ الكلَامِ بنفِيِ مَا يُتَوَهَّمُ ثبوتُهُ أوْ إثباتُ مَا يُتَوَهَّمُ نَفْيُهُ، نحوُ: «مُحَمَّدٌ شُجَاعٌ لَكِنَّ صَدِيقَهُ جَبَانٌ».

  والرَّابعُ: «كَأَنَّ» وهُوَ يدلُّ عَلَى تشبيهِ المبتدأِ بالخبرِ، وهُوَ «كَأَنَّ الجَارِيَةَ بَدْرٌ».

  والخامسُ «لَيْتَ» ومعنَاهُ التّمنِّي، وهُوَ: طلبُ المستحيلِ أوْ مَا فيهِ عُسرٌ، «لَيْتَ الشَّبَابَ عَائِدٌ» ونحوُ: «لَيْتَ البَلِيدَ يَنْجَحُ».