كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الأفعال التي لا تنصرف

صفحة 109 - الجزء 1

  الأحوال فإذا قلت: زيد نعم الرجل. فزيد: مبتدأ، ونعم الرجلُ: خبر. وإن قلت: نعم الرجلُ زيد، رفعت الرجل بنعم، ورفعت زيدًا من وجهين:

  أحدهما: أن يكون مبتدأ وخبره نعم الرجل مقدم وعلى هذا لا يقع موقع زيد إلا اسم يجوز أن يُبتدأ به.

  والوجه الثاني: يكون زيد خبر مبتدأ محذوف تقديره: نعم الرجل هو زيد، وعلى هذا يجوز أن يقع موقع زيد ما جاز في خبر المبتدأ من الحرف، والظرف، والمفرد والجُملة نحو: نعم الرجل قام أبوه أو في الدار أو أمامك. ومتى اعتقدت أن زيدًا مبتدأ كانت الجُملة قبله أعني نعم الرجل في موضع رفع خبرًا، ومتى اعتقدت أنه خبر مبتدأ محذوف لم يكن للجملة قبله موضع من الإعراب، فافهم ذلك.

  وأما حبذا فحكمها أن تُلازم ذا فترفعه فاعلاً في التقدير، ويكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث فتقول: حبذا زيد، وحبذا هند، ولا يجوز: حبذه هند، خلافًا لنعم وبئس فإنه يجوز فيهما: نعم المرأة هند، ونعمت المرأة هند، إلا أنه يجوز أن تنفي حبذا قال الشاعر: (بسيط)

  لا حبذا أنتِ يا صنعاءُ مِنْ بلد ... ولا شعوب هوى مني ولا تقم⁣(⁣١)

  ولا يجوز نفي نعم، ولا بئس، فيقال: لا نعم لا بئس. وتتفق الثلاثة بأنها تأتي بلفظ مفرد للاثنين والجميع، نحو: نعم الرجال، وحبذا الرجال، وبئس الرجلان، وحبذا الرجلان. فإذا قلت: حبذا زيد. فحبذا فعل وفاعل في موضع رفع خبر لزيد، وزيد مبتدأ، وإن شئت رفعت زيدًا خبر المبتدأ محذوف تقديره حبذا هو زيد، ولا يكون لحبذا موضع من الإعراب، وقد قال بعض النحويين: إن حبذا كلمة مركبة في موضع رفع بالابتداء، وخبرها زيد، وهو أضعف الثلاثة الأوجه.

  فإن جئت بعد ذا بنكرة كانت منصوبة على كُل حال فإن كانت جامدة كانت


(١) البيت لزياد بن جميل، وقيل: لزياد بن منقذ انظر: شرح المفصل لابن يعيش: ٧/ ١٣٩.