كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الأفعال التي لا تنصرف

صفحة 108 - الجزء 1

  كلامهم ولكن القياس يُسوّغ ذلك.

  وقد دق هذا الاستخراج على كثير من الأوائل، فاعتقدوا هذه الأفعال حُروفًا وأسماء، حتى إن منهم من قال: أقمتُ أربعين سنة أقول ليس فعل تقليدًا وكان الفارسي يعتقد فيها الفعلية تارة، والحرفية تارة، وروى ذلك طاهر بن أحمد، وكان الفراء يقول: إن نعم وبئس اسمان ويُستدل على ذلك بدخول حروف الجر عليهما في قول بعض العرب⁣(⁣١): لبئست البنت بنعم المولود نصرتها بكاء وبرها سرقة، وقول الآخر: نِعمَ السير على بئس العير، وتنوين بئس في التنزيل في قوله تعالى: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ١٦٥}⁣[الأعراف]، وأدخل عليها الألف واللام الأسود بن غفار الجدسي⁣(⁣٢) في قوله: (رجز)

  لبيكِ يَا طَسَمُ فَبِئْسَ البِئْسُ

  ويُصغر فعل التعجب وذلك قولك ما أهيمنه والصحيح أنها أفعال بما قدمنا من الاحتجاج، وهو مذهب الخليل وسيبويه وجمهور النحويين.

  فصل: وأما أحكامها، فهي مختلفة كاختلافها، ولكل واحد منها حُكم.

  أما نعم وبئس فإنهما يرفعان المعرفة فاعلاً مثل: نعم الرجل زيد، وبئس الرجلُ عمرو، قدمنا، وينصبان النكرة تمييزا مثل: نِعْمَ غُلامًا عبد الله، ولا يدخلان من المعارف إلا على اسم جنس معه ألف ولام، أو مضافًا إلى ما فيه الألف ولام للجنس دون العهد والحضور مثل: نعم فتى العشيرة زيد، وبئس أخو القوم عمرو، وقال زهير بن أبي سلمى: (كامل)

  ولنعم حشو الدرع أنتَ ... إذا دُعِيتَ نزال ولُجَّ في الدعر⁣(⁣٣)

  ولا يدخلان على مُشتق ولا مُضمر ولا مُبهم ولا علم، ولا حاضر، ولا معهود معين، وكذلك النكرة لا يتبعها إلا جامدة تمييزا، ولا يجوز منهما العمل في


(١) قول مأثور من أقوال العرب انظر: الإنصاف: ١/ ٦٨.

(٢) لعله الأسود بن يعفر جاهلي من بني حارثة، ويكنى أبا الجراح وكان أعمى.

(٣) البيت في ديوانه: ٨٩.