باب الأفعال المتعدية
  إذا هبَّ عُلوي الرياح وجدتني ... كأني لعلوي الرياح نسيب(١)
  وقال آخر: (طويل)
  إذا ما دَعَا الداعي عليَّا رأيتني ... أُراعُ كما رَاعَ العجول مهيب(٢)
  وقال آخر: (كامل)
  قد كنتُ أحسبني كأغنى واحدٍ ... سكن المدينة عن زراعة فُول(٣)
  وكذلك الباقي. وكما قلنا إن أصل مفعولي الظن وأخواتها، ومفعولي أعلمت - أعني الثاني والثالث - الابتداء والخبر. فيجوز أن يقع موقع الثاني من ظننت، والثالث من أعلمت ما جاز أن يقع خبرًا للمبتدأ، وظننت زيدًا قام، ويقوم، وأبوه قائم وأمامك، وفي الدار، ومثلُ: أعلمتُ زيدًا قام، وأعلمتُ زيدًا عمرًا في الدار، ويجوز أن تضمر في. ظننت ضمير شأن، وقصة فتقول: ظننته زيد قائم.
  وأما الممتنع، فمتى وقع بعد ظننت وأخواتها إن وأنَّ، وكلم الاستفهام، ولام الابتداء، وما النفي، وإن بمعنى ما كفتها عن العمل فلم يجز أن تعمل شيئًا، مثال الجميع: أظننت أن زيدًا لقائم، وظننتُ أنَّ زيدًا قائم، وعلمتُ أزيد يقوم أم عمرو، وعلمتُ أبو من أنت إذا أضفت إلى الاستفهام، وحسبتُ لزيد قائم، وظننتُ ما بكر منطلق، وخِلتُ إن زيد إلا قائم. ومن الممتنع أضداد الأحكام الواجبة كإلغاء ضربت وأعطيت وأعلمت، وأخواتهن والاقتصار على أحد كل مفعولين أصلهما الابتداء والخبر. ولا يجوز أن يقع موقع مفعول ضربت ومفعول أعطيت، ومفعول أعلمت الأول إلا الاسم الصريح؛ لأنها مفعولات صريحة، وكذلك لا يجوز أن يقع مفعولاً أولاً لظننت وأخواتها، وثانيًا لأعلمت وأخواتها إلا اسم يجوز أن يبتدأ به.
  وكل فعل متعد أو لازم لا بد أن يتعدى إلى خمسة وهي: المصدر والظرفان، والحال والمفعول من أجله، وإنما تعدى إلى هذه الخمسة لدلالته عليها، فدل على
(١) البيت لمجنون ليلى انظر ديوانه ٦٢.
(٢) البيت لامرأة ترثي أباها انظر: الحماسة: ٢/ ١٠٧٣.
(٣) البيت لأبي محجن، قاله في امرأة يهواها من الأنصار، يقال لها: شموس.