باب عمل اسم الفاعل واسم المفعول
  مشغول قد أضمر فاعله، وكذلك القول في اسم المفعول إلا أنه لا يعمل إلا عمل فعل لم يُسم فاعله فمثال إعماله: هذا المضروب أبوه، وهذا المظنون عمه عالما، والمعطي أخوه درهما، والمُعلم غُلامُه عمرًا خارجًا، والمشكور، والمشكور له، والممرور به، كما تقول: هذا يضرب أبوه، ويُظن عمه عالمًا، ويُعطي أخوه درهما، ويعلم غُلام عمرًا خارجًا، ويُشكر، ويُشكر له، ويُمر به.
  فصل: وأما لم عمل اسم الفاعل واسم المفعول وهما اسمان، وأصل الأسماء أنها معمولة فيها لا عاملة؟ وإنما عملا لأجل مشابهتهما الفعل المضارع، وشابهاه من حيث مشابههما لأن كل شيء أشبه شيئًا من جهة، فقد أشبه ذلك الشيء، وأيضًا من تلك الجهة ألا ترى أن الفعل المضارع استحق الإعراب وأصله البناء لمضارعته اسم الفاعل، كذلك اسم المفعول استحق العمل لمضارعته الفعل، ومتعدٍ إلى ما يتعدى إليه الفعل من مفعول به كما مثلنا وظرف زمان وظرف مكان وحال، ومفعول من أجله، ومفعول معه وتمييز واستثناء معه، مثال ذلك: هذا الضارب عمرًا ضربًا يوم الجمعة أمامك قائمًا إكراما لخالد، والقوم إلا أباه، وتقول في التمييز: هذا المتصبب بدنه عرقًا، والمتفقى شحمًا وما أشبه ذلك، وكذلك اسم المفعول وجميع ما ذكرنا في المذكر ففي المؤنث مثله من نحو: هذه امرأة ضاربة زيدا، أو ظانة محمدًا قائمًا ومتعلمة عمرًا محمدًا خير الناس، وهي الشاكرة زيدا، ولزيد، والمارة بزيد.
  وقد يعمل اسم الفاعل على غير الصيغة التي أشبه عليها اتساعًا، فكما يعمل فاعل وهو الأصل يعمل مفعال، وفعول، وفَعل وفَعّال، قال الشاعر في مفعال:
  ضربت أبا العيناء في أمّ رأسه ... وما زلتُ مقتالاً كباش الكتائب
  وقال آخر في فعول: (طويل)
  ضروب بنصل السيف سُوقَ سِمانها ... فإن عَدمُوا زادًا فإنَّك عاقر(١)
(١) انظر: شرح المفصل: ٦/ ٧٠.