باب عمل الصفة المشبهة باسم الفاعل
  بالضارب والضاربة، وتقول في التثنية والجمع: مررتُ بالرجلين الكريمين أبوهما، والرجال الكرام آباؤهم، ما تقول بالضاربين والضاربين، وتقول في إجرائها صفة: برجل حسن وجهه كما تقول: برجل ضارب عمرًا؛ إلا أنها تنقص عنه أربعة أشياء:
  الأول: وهي أنها لا تعمل إلا في السبب دون الأجنبي فيجوز حسن الوجه، ولا يجوز برجل حسن عمرو.
  والثاني: أنه لا يتقدم معمولها عليها مثل: وجها مررتُ برجل حسن.
  والثالث: أنه لا يفصل بينها وبين معمولها بشيء.
  والرابع: أنها لا تعمل إلا بمعنى الحال دون الاستقبال، وكل ذلك جائز في اسم الفاعل، وذكرنا هذه المسألة وهي من الأحكام الكثيرة. وقد قيل إن الصفة المشبهة باسم الفاعل عملت بحسب الاشتقاق من الفعل؛ لأنها بوزن حسن وشديد وعفيف، وأنت تقول: حسن فهو حسن، وشد فهو شديد، وعف فهو عفيف، وهذا قول حسن لأن اسم الفاعل إنما عمل لشبه والمشبه بالمشبه لا يُشارك في كل الحكم، ولا بعضه ألا ترى أن مستقبل الفعل إنما أعرب لأنه شابه الاسم فلما أشبهه الماضي بني على الحركة بحق الشبه، ولا حظ له في الإعراب. فعمل الصفة من جهة الاشتقاق أولى.
  فصل: وأحكام الصفة كثيرة تنقسم ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع. فالواجب أن يكون معمول الصفة سببًا لها، أي فيه ضمير يعود عليها متأخرًا عنها، وأن تكون هي بمعنى الحال، فمتى كانت كذلك عملت في المفعول لفظاً، أو تقديرًا.
  وأما الجائز: فمتى كانت الصفة نكرة ليس معها ألف ولام ثلاثة أوجه: الرفع، والنصب، والجر، مثال ذلك: مررتُ برجل حسن الوجه، وحسن الوجه، وحسن الوجه. فإن كان الثاني معرفًا بالإضافة جاز فيه وجهان: أحدهما الرفع إجماعًا، نحو: برجل حسن وجهه والثاني: الجر بخلاف، ولم يجزه غير سيبويه وأصحابه، وهو: مررت برجل حسن وجهيه واحتجوا لمذهبهم بقول الشاعر: (طويل)