كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المفعول المطلق

صفحة 127 - الجزء 1

  قال مالك بن جعفر⁣(⁣١): (وافر)

  لأمك ويلةٌ وعليك أخرى ... فلاشاة لديك ولا بعير

  ولا كذلك ويح وويس، بل يكون مُذكره قال أبو الطمحان⁣(⁣٢): (طويل)

  وقيل غد يا ويح نفسي من غدٍ ... إذا راح أصحابي ولت برائح

  ومثله:

  ولي كبد مقروحة من يبيعني بها ... كبدا ليست بذات قروح

  أبي الناسُ ويب الناس لا يشرونها ... ومَنْ ذا الذي يشري ذو بصحيح⁣(⁣٣)

  وأما الممتنع فهو أنَّ المصدر لا يعمل عملاً وهو محذوف، ولا يفصل بينه وبين معموله بشيء، ولا يتقدم معموله عليه، ولا يتضمن الضمير. وهذا وجه نقصانه عن الفعل فلو قُلت في إعماله محذوفًا ضربُ زيدٍ عمرًا يعجبني، وخالد بكرًا لم يجز، وذلك لو قلت في الفصل ضربُ زيدٍ معجب لي عمرًا لم يجز ذلك، فلو قلت في التقديم عمرًا ضرب زيدٍ يعجبني لم يجز أيضًا، ولو قلت: الضرب عمرًا، على أن تجعل فاعل الضرب مُضمرًا لم يجز فإن رفعت عمرًا، وجعلت المصدر من فعل لم يسم فاعله، وكان المعنى معلومًا جاز نحو: الضرب عمرو يعجبني، وضرب عمرو يعجبني. وكل ذلك جائز في الفعل من نحو ضرب زيد عمرًا وخالد وبكرًا، وضرب زيد فعجبتُ عمرًا، وعمرًا ضرب زيد، وزيد ضرب عمرًا فتضمن الفاعل في ضرب فافهم ذلك.

  وامتنع أن يعمل عملاً وهو محذوف لأنه من صريح الأسماء، وليس له قوة الفعل ولم يفصل بينه وبين معموله لأنه من صلته والصلة بعض الموصول، ولم يتقدم معموله عليه؛ لأنه غير متصرف في نفسه فأحرى أن لا يتصرف في معموله، ولم يتضمن الضمير لأنه جامد وإنما تضمن الضمير اسم الفاعل لا بل الاشتغال،


(١) البيت لمالك بن الصمصامة.

(٢) أبو الطمحان حنظلة بن الشرقي أحد بني القين بن جشر، كان شاعرًا صعلوكًا، وهو من المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام، والبيت في الحماسة إلى ابن الطمحان: ٥٥٨.

(٣) البيتان في ديوان قيس بن الملوح بن مزاحم: ٩٥.