كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المفعول من أجله

صفحة 129 - الجزء 1

  ومن فعل المفعول فمتى كانا من فعل الفاعل كنت مخيرًا إن شئت جئت باللام، مثل: زُرتك للطمع في برك، وسألتك لأن رجوت الخير من عندك، وإن شئت حذفتها فقلت: زُرتك طمعا في برك وسألتك أن رجوت الخير من عندك، قال حاتم بن عبد الله الطائي⁣(⁣١): (طويل)

  وأغفر عوراء الكريم ادّخاره ... وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

  أي: لأجل ادّخاري له. ومتى كان من فعل المفعول وجب الإتيان باللام مع المصدر مثل: زُرتك لإيمانك بالله وسألتك لنصحك إيَّاي، ولو قلت: قطعتُك عصيانك الله، أو عصيانا الله لم يجز لأن المعنى يختل لالتباسه بمصدر الفعل. فأما إذا جئت بأن مع فعل المفعول فأنت أيضًا مخير إن شئت جئت باللام، وإن شئت حذفتها كحالها مع الفاعل فقلت: جئت إن آمنت بالله، ولأن آمنت بالله، وإن نصحتني، ولأن نصحتني، وجاز ذلك لدلالة الصلة باتصال الضمير على مصدر الفعل، والمفعول فقد أمن اللبس. وفي حديث الكسائي لأبي يوسف في مجلس الرشيد أنه سأله عن رجل قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق بكسر إن، أو قال: أن دخلت الدار فأنتِ طالق بفتح أن، فلم يفرق أبو يوسف بينهما وجعلهما سواء، فضحك الرشيد، وقال: يا أبا يوسف إن لما يُستقبل، وأن لما مضى. فهكذا جاءت الرواية بغير لام والفعل للمفعول، ومتى كان اسمًا ليس مصدرًا وجب إثبات اللام، ولم يجز حذفها، مثل: جئتك المتاع فصار جملة الأمر أنه إذا كان اسما غير مصدر أو مصدرًا من فعل المفعول ويجب الإتيان باللام، وإذا كان مصدرًا من فعل الفاعل أو مقدرًا بالمصدر من فعل الفاعل، أو فعل المفعول جاز إثبات اللام وحذفها.

  فصل: وأما ما أحكامه فثلاثة واجب، وجائز، وممتنع.

  فالواجب أن المفعول من أجله يكون منصوبًا بالفعل المذكور معه لفظا أو


(١) البيت في ديوانه: ٢٤.